لم يمرّ الإخوان المسلمون بمرحلة صعبة كالحالية، بخلاف الفترة التي أعقبت محاولتهم اغتيال عبدالناصر في منتصف الستينات. ولولا دعم الكويت والسعودية لهم حين ذلك لانتهوا تماماً. ولكن يبدو أن وعي بعض حكومات المنطقة، وانتفاضة مصر ضدهم، ستكونان بداية القضاء تماماً على حركة الإخوان التخريبية التي تواجه حرباً شعواء من عدة دول، واختلافا مع أنظمة قوية أخرى، كما أصبحوا موضع شك وكراهية من الدول التي كانت تتغاضى في السابق عن أنشطتهم، وربما لا تزال قطر، وإلى حد ما الكويت، الأكثر تردداً في إعلان معاداتهما لهم بشكل صريح. وبالتالي فإن العصر الذهبي للإخوان قد ولّى، ومن تمكن وأثرى بسبب نفوذهم فقد نفذ، أو زمط، ولن تكون هناك فرص إثراء أخرى مستقبلا، وهذا سيقلل من أعداد المنتمين إليهم مستقبلا!
لقد حان الوقت لأن تعرف كل دولة سبق أن احتضنتهم أو غضّت النظر عن أنشطتهم أنهم السبب وراء كل التطرّف الذي يواجه العالم حالياً من «قاعدة» و«داعش» و«نصرة»، وبقية المنظمات الإرهابية التخريبية التكفيرية. فالفكر واحد، والأصل واحد. ولم يكن وزير الداخلية السعودي السابق، المرحوم نايف بن عبدالعزيز، متجنياً عندما قال فيهم: إن مشاكلنا وإفرازاتها كلها جاءت من الإخوان! وأن السعودية احتضنتهم عندما لجأوا إليها، وتحملتهم وحفظت حياتهم، وبعد بقائهم في المملكة لسنوات واستفادتهم القصوى منها، لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة فأخذوا يجندون الناس وينشئون التيارات وانقلبوا تالياً على المملكة…
ومعروف أن الإخوان المسلمين نجحوا في فترة قصيرة نسبياً في تأسيس كيانات سياسية قوية كجمعيات الإصلاح الاجتماعي، وامتد نفوذهم ليشمل عدداً آخر من الجمعيات الخيرية ذات الأرصدة المالية الكبيرة. كما كان لهم نشاطهم السياسي البارز في كل دولة تواجدوا فيها. ونجحوا في فترة ما لأن يكونوا القوة الأكبر في عدد من برلمانات المنطقة، وكان من النادر تشكيل حكومة، في الكويت مثلا، بغيرهم. وبالرغم من انتهازية الجماعة ومكيافيليتها في إخفاء أنشطتها وتوزيع الأدوار بين المنتمين لها، وإصرار كوادرهم على إنكار كونهم جزءا من التنظيم العالمي، فإن حبل كذبهم كان قصيرا، فسرعان ما ظهرت حقيقتهم وشراستهم مع فقدهم لعزيزهم «مرسي». وبالرغم من أن اتباع جماعة الإخوان للسرية في عملها، قد ساعدها فترة ما لأن تبقى محمية، فإن هذه السرية أخافت الكثيرين منهم ودفعتهم للخروج عنها، خاصة ما تعلق بضرورة القسم على طاعة المرشد وتنفيذ أوامره دون نقاش.
ويمكن القول باختصار إن أخطر ما يواجه تنظيم الإخوان اليوم هو موقف السعودية والإمارات، وإلى حد ما الكويت، هو وقف هذه الدول دعمها المالي لهم، هذا إضافة لقرار مصر اعتبارهم تنظيماً إرهابياً يتطلب الأمر القضاء عليه، ومن هنا ستبدأ نهاية الإخوان.