ما الذي خلف الستارة، ونتعمد إخفاءه وإبقاءه خلفها؟ ما الذي يحدث في الكويت؟ فبمجرد أن تنتقد سياسات إيران، أو مطامعها، أو إشغالها المنطقة عبر مد أصابعها في كل الجحور… إلا وتتناهشك الألسن، وتنوح فوق رأسك النائحات: لا تشق وحدة الصف. دع الطائفية عنك. تعصبك يجرح الوطن ويدميه… وما شابه ذلك من إرهاب وخنق للآراء في وسائل التواصل الاجتماعي.
جاملنا كثيراً. صدقاً. وراعينا المشاعر كثيراً. وسكتنا كثيراً. لكن إلى متى؟ ولماذا علينا أن نقسم بالأيمان المغلظة، ونحضر شهوداً أربعة، كي نؤكد أننا نقصد إيران كدولة وسياسة وأطماع، لا شيعة الكويت، من “العجم” والعرب.
وهل هذا الأمر، أقصد الاتهام بالطائفية لكل من ينتقد سياسات إيران، يحدث في بقية الدول، أم هو محصور في الكويت ومقصور عليها؟ حقيقة، ليس لهذا الترهيب من تفسير إلا الخطر الماحق، المتمثل في موالاة “المُرهبين” لإيران، وتقديس سياسييها، وجاهزيتهم للانقياد خلف أوامر القادة الإيرانيين، ساسة كانوا أو معممين.
يا سادة، ساسة إيران ليسوا سذجاً ليكونوا طائفيين. هم يستخدمون الطائفية، والطائفيين السذج، لتحقيق مصالحهم السياسية المعروفة، كمحاصرة مناطق النفط، واستخدام أذرعها المنتشرة أوراقَ ضغط في الملف النووي، وما شابه.
والدليل، أن اليمن، لا فوارق واضحة فيه بين السنة والزيدية (الزيدية لا يتجاوز أتباعها الثلاثين في المئة من تعداد السكان، أو أقل، وهو مذهب أقرب إلى الشيعة منه إلى السُّنة، ولا يؤمن أتباعه بكثير من معتقدات الشيعة الإثني عشرية، وفي ذلك تفاصيل كثيرة)، ومع ذا نجد بعض قيادات الإخوان المسلمين في اليمن، من المذهب الزيدي (المرحوم عبدالله الأحمر، وهو زيدي، كان رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح). ومع أن الحوثيين لا يمثلون أكثر من 15 في المئة من “الزيود”، على أقصى تقدير، أي أن الحوثيين لا يتجاوزون الخمسة في المئة من تعداد اليمنيين ككل، إلا أن إيران استطاعت تحويل هؤلاء الحوثيين إلى فتيلة وشعلة لتفجير المنطقة.
وعندما نزعم أن إيران تنثر بذور الطائفية في المنطقة، لاستغلالها، فمن الغريب اتهامنا بالطائفية. وإن كان ولا بد فالرد علينا بالحجة يغني عن الاتهام. لأن الاتهام هنا يصبح كالشتيمة، يعود إلى صاحبه، ويتحول عندها من متَّهِم إلى متَّهَم.