بعضنا على نياته، يسمع ويردد، بلا وعي ولا تركيز… يناقشك: تلاشت بقايا الديمقراطية، ولم يبق لنا إلا “شبه ديمقراطية”. فتعلق: أنا أرى أن الـ”شبه” تلاشى قبل الـ”بقايا”، إلا إن كنت ترى ما لم أستطع رؤيته، فافعل خيراً وأرشدني إلى هذا الـ”شبه”، وأشر إليه.
وتكمل شرح وجهة نظرك: معنى كلمة “شبه ديمقراطية”، أن هناك شبه حقوق إنسان، وهذا غير صحيح، وشبه حرية رأي، وهذا غير صحيح، وشبه حرية معتقد، وهذا غير صحيح، وشبه شفافية، وهذا غير صحيح، وشبه محاسبة، وهذا غير صحيح، وشبه حقوق مواطنة، وهذا غير صحيح…
وما نراه اليوم – تواصل حديثك – ليس إلا قبضة حديدية، وبروز مجموعة من الفاسدين، وسيطرتهم، تحت غطاء الإعلام الكاذب، وبحماية من مؤسسات الدولة، سهّل القمع غير المبرر للتجمعات، ومرمطة الناس وإغراقهم في القضايا… ولو نظرت إلى مؤسسات المجتمع المدني، لأيقنت بلا عناء، أنها دُجنت ورُوضت، وباتت تحت السيطرة، باستثناء واحدة أو اثنتين، ما زالتا تكافحان. بل حتى جمعية حقوق الإنسان البرلمانية، المدافع الرئيسي، المفترض، عن حقوق الإنسان، ارتدت لباس العسكر، بعد أن صرح رئيسها مؤيداً قمع وزارة الداخلية للمتظاهرين العزل.
يا عزيزي، لم يعد لنا ديمقراطية، ولا شبه ديمقراطية، ولا حتى رائحة ديمقراطية، التي كنتُ أتغزل بها وأمتدحها لسنوات… كل رصيدنا من الديمقراطية استُنفد، وأضحينا نسحب على المكشوف. فلا تبنِ قصوراً من الأوهام.