حكم المحكمة الدستورية، الذي قضى بربط حق التجمع بموافقة السلطات المختصة، حرصاً على الامن والطمأنينة اللازمين للمجتمع، هذا الحكم يؤكد ضرورة اعادة تشكيل المحكمة الدستورية، بحيث تضم الى جانب الافاضل رجال القضاء، الاحق والاولى بتفسير قانون القوانين، بحيث تضم ايضا الساسة والمعنيين بالشأن العام، ممن يضيفون ابعادا ومقاصد سياسية واجتماعية تعين على الفهم الصحيح للمواد الدستورية.
لقد وضع الساسة الدساتير، وعندما تألفت لجنة صياغة الدستور من الساسة يعقوب الحميضي، اطال الله في عمره، وعبداللطيف الغانم، وحمود الزيد وسعود العبدالرزاق، والشيخ سعد العبدالله رحمهم الله، لم يكن اي منهم خبيرا دستوريا او رجل قانون، بل سياسي ائتمنته الامة على مصيرها، باستثناء الشيخ سعد الذي مثل الأسرة الحاكمة. هؤلاء الساسة هم من وضع اسس وقواعد الحكم في الكويت. وحدد طبيعة العلاقة بين الناس، وبينهم وبين السلطات. ولا شك ان من صاغ الدستور أو قولبه في صيغة قانونية كان من الخبراء الدستوريين والقانونيين. تشكيل المحكمة الدستورية من القانونيين فقط، يؤدي إلى أن تعنى المحكمة بالصيغة القانونية، وأن تبني أحكامها على مقصد وهدف من ثبّت الصيغة القانونية لمواد الدستور، وليس هدف ووعي من وضع الاسس العامة للنظام السياسي العام في الكويت.
صحيح ان الصياغة بشكلها النهائي قد تمت الموافقة عليها وتم تقبلها من قبل اعضاء لجنة اعداد الدستور من الساسة المشار اليهم. وصحيح ايضا ان المجلس التأسيسي بكامله قد اخضع الصياغة للفهم والشرح والتعديل، بحيث يمكن القول ان المجلس التأسيسي هو من اعد او حتى صاغ المواد الدستورية. لكنه يبقى ان فهم المقصد النهائي لكل مادة قد خضع لنقاشات واختلافات عديدة. وتم التفاوض احيانا بشكل مطول وخلافي على بعض المواد، بحيث ان حصيلة النقاش، سواء في لجنة اعداد الدستور او في المجلس التأسيسي، تشير بوضوح الى ان الكثير من المواد تم القبول بها، بعد تعهدات بان تكون وجهة النظر المعارضة او المتحفظة على المادة موضع تطبيق واحترام.
التفسير الدستوري لمواد الدستور من الضروري ان يتضمن وجهة النظر السياسية، فهي التي ستضمن تحقيق مقاصد المشرع الدستوري الاصلي، اذا ما تمت تحت توجيه واشراف السادة رجال القضاء، تماما كما تمت صياغة وإعداد الدستور نفسه، لهذا فان وجود بعض الساسة الى جانب الاغلبية القانونية ضرورة لضمان صدور فهم قانوني وسياسي للمواد الدستورية، خصوصا ان المذكرة التفسيرية للدستور قد اكدت اهمية ذلك.