منذ سقوط المجرم صدام حسين، كان لدى الأميركيين تبنٍ لسياسة الاحتواء المزدوج، والذي على رأس أولوياته توفير الحضن الأميركي الدافئ لإيران، بدلا من توجهه السابق نحوها أنها «محور الشر»، وقد اتضح ذلك جليا في تأجيل أميركا إسقاط صدام حسين 13 عاما منذ 1991، لكن بعد أن تمت خطوات عملية في سياسة الاحتواء المزدوج لإيران، واتفاق الغرب على حضانتها وتوفير حضنه الدافئ لها لتكون بديل ملء الفراغ. وتمثل ذلك بما يلي:
– منح إيران الضوء الأخضر للهيمنة على العراق.
– ترتيب الوضع بالعراق بتكسير أميركا لقوة السنة فيه على مدى خمس سنوات 2004 – 2009 تمريرا لمشروع «أغلبية شيعية» ما يمهد الطريق سالكا لإيران، وقد تم ذلك، وما انسحاب الأميركان منه إلا تتويج لهذا المشروع.
– رعى الأميركيون خلال هذه السنوات تكوين مجاميع جهادية في العراق، على وقع التضييق على السنة من قبلهم فيه، (على غرار الحالة الأفغانية)، ومن أبرزها داعش التي هي صنيعة بينهم وبين الأسد، ما منح هذا التنظيم الناشئ «قدرة فائقة»؟! يصول ويجول بين العراق والشام؟ ويتواجد فيه ما يصل إلى 12000 أجنبي – ما يفسر تواجدا استخباريا غربيا ضمنه وفي قيادته؟ – بل مصادر تمويله في مراحله المبكرة وتسليحه غربيا! كيف تم ومتى؟ بالتأكيد أثناء تواجد الجيش الأميركي بالعراق! ما يكشف اللغز لنا. فقد كان ذلك ضمن تهيئة الحضن الدافئ لإيران وتقليص قدرات السنة في العراق وسوريا وهو السائد.
– بدء مفاوضات الملف النووي الإيراني، ورغم مخاطره وحقائقه وتفاصيله التي كانت تدعو الغرب الى اتخاذ موقف متشدد لإنهائه، فجأة تبدلت الحال للغة دبلوماسية متراخية ستسدل الستار على هذا الملف (وفقا لإيران تم الاتفاق على %90 بشأنه).
– أدخلنا الأميركيون بدوامة الربيع العربي الذي كانت لهم يد في صنعه، وضحكوا علينا في سوريا بإسقاط نظامه الذي كان الترتيب أيضا لإيران أن تتمدد فيه ضمن الحضن الغربي الدافئ لها، وهو ما تم بدخولها العسكري مع حزب الله، لمنع سقوط الأسد، وها هم الأميركيون يتحدثون للتفاوض مع الأسد ضمن حضانة الغرب لإيران.
– وها هي إيران الماردة على القانون الدولي تحظى بحضانة الغرب الدافئة، ما يفسر السكوت المريب عن تدافعها العسكري في اليمن من بوابة الحوثيين الانقلابية.
– ولا عجب في أن يصدر أحدث تقرير أميركي مواكبا لكل هذه الترتيبات ليعلن حذف «إيران وحزب الله» من لائحة المنظمات الإرهابية، لاحظ الربط بين إيران وحزب الله، لم لا وكلاهما عقد اتفاقًا لتأمين «إسرائيل من تهويشاته الإعلامية».
وبعد كل ذلك، فقد سقطت ورقة التوت التي تتستر بها إيران وعداوتها الكاذبة للغرب وعداوته لها، وكشف المستور. والمؤسف هو أنه من كتابنا من يصفق فرحا لذلك، وكأنه ليس مواطنا، وبعض دولنا الخليجية والعربية تسير كالسلحفاة في مواجهة تهديد التوسع الإيراني في ملف لا يحتمل التأخير.