تسود البلد حالة من اليأس والاحباط وفقدان الثقة بكل شيء خصوصا الاصلاح المستقبلي له بسبب تفشي ظاهرة المحسوبية والفساد وحالة التسيب العامة وعدم الالتزام بالقانون والاهم من كل ذلك ابعاد أي وزير اصلاحي!
استقالة وزير الاشغال وزير الكهرباء والماء السابق عبدالعزيز الابراهيم وسرعة قبول استقالته اصبحت حديث البلد في المنتديات والدواوين وفي كل مكان.
شخصياً لا اعرف الاخ عبدالعزيز الابراهيم ولم التق به ابدا لكن سمعته الطيبة ونهجه الاصلاحي والتزامه بالمواعيد والخطط التي وضعتها الدولة رفعت سمعته عالياً امام الرأي العام الكويتي.
السؤال: لماذا استقال الوزير؟ وهل صحيح انه بسبب ما اطلقه من تصريحات تعليقاً على خبر بثته وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص قبض النواب اموالا لاستجواب الوزير الابراهيم؟ كل الذي قاله الوزير تعليقاً على الخبر هو انه اذا صح مثل هذا الخبر فان ذلك ثمناً لمحاربة الفساد.
السبب الرئيسي لاستقالة الوزير حسب ما تلقيته من معلومات هو شعوره بالعزلة والاحباط وعدم الدعم القوي من زملائه الوزراء ونواب مجلس الامة، نهجه الاصلاحي واصراره على عدم الالتفات الى مطالب قوى الفساد من قوى متنفذة ونواب ووزراء جعلت الجميع يتكالب ويهرول لاسقاطه وتم استجوابه ونجح في دحض الاستجواب، بعض نواب مجلس الامة الذين يستغلون مناصبهم في السلطة التشريعية لتحقيق منافع ذاتية لانفسهم ولعائلاتهم وقبائلهم أو طوائفهم دفعت هؤلاء للاجتماع والتخطيط لاستجواب جديد لاسقاط الوزير..لذلك سارع بتقديم استقالته لشعوره بان لا احد يقف معه في الوزارة والمجلس للدفاع عن النهج الاصلاحي.
من متابعة اداء الحكومات السابقة من الصعب جدا ان نرى وزيرا نشطا وفاعلا ونظيفا يسعى للاصلاح يبقى في منصبه لفترة طويلة وعندما نجد هذا الشخص نرى كثيرا من قوى الفساد تحاربه وتسعى الى اطاحته سواء في الحكومة أو المجتمع أو مجلس الامة.
ضعف الحكومة أمام النواب الفاسدين وعدم تضامنها وعملها كفريق واحد لرفع شأن البلد والسير في طريق الاصلاح والتنمية الصحيحة بعيدا عن قوى الفساد، لذلك لا غرابة من سعي النواب لاختراق الحكومة والعمل على تقويض أي عملية اصلاح حقيقية لذلك يجد الوزير نفسه مضطرا ان يجامل ويحابي ويسعى لكسب رضا النواب عليه ويرضخ لمطالبهم غير القانونية حتى يحافظ على وضعه ومنصبه وبقائه في وزارته..مع العلم ان الحكومة بيدها كل السلطات والادوات السياسية والاقتصادية والاعلامية والامنية..لكنها لا تفعل قوتها ونفوذها بتطبيق القانون ولا تعمل كفريق عمل واحد لوضع حد لاستنزاف ثروات البلد من قبل نواب مجلس الامة وقوى النفوذ في المجتمع.
ما نشرته جريدة «السياسة» يوم الجمعة الموافق 20 مارس الجاري في صفحتها الاولى عن ان لجنة التحقيق في الايداعات والتحويلات البرلمانية تسلمت اخيرا من ادارة التوثيق العقاري في وزارة العدل كشفا جديدا يتعلق بالعقارات المسجلة بأسماء اعضاء في مجالس الامة التي تعاقبت خلال الفترة من 2006 الى 2012.
اوضحت الصحيفة ان الكشف يشمل 89 شخصا من نواب سابقين وحاليين..الكشف شمل 11 نائباً ووزيراً سابقا زادت العقارات المسجلة باسمائهم بشكل ملحوظ بينهم 8 ينتمون الى كتل سياسية في مجالس سابقة وثلاثة فقط من المقربين للحكومة..الامر المستغرب ان اولئك النواب والوزراء دخلوا المجلس والحكومة ولم يكن في حساباتهم سوى رواتبهم الا اننا تفاجأنا بوجود عمارات استثمارية وتجارية واغلبهم من المعارضة ومدعي الدفاع عن المال العام.
الاشكالية التي تواجهها الحكومة والمجتمع هي صعوبة ان نجد رجالا ذوي فكر وعلم ودراية يقبلون المناصب الوزارية لانهم لا يقبلون على انفسهم تلقي الاهانات من نواب فاسدين..ومطلوب منهم غض النظر عن تجاوزات النواب واستمرار نهجهم التخريبي.
الوضع اليوم مع انخفاض اسعار النفط وتردي الخدمات الحكومية على جميع المستويات، لم يعد مقبولا السكوت عن النهج القديم في ادارة الدولة والعمل على كسب رضا الجميع ومداراتهم ومحاولة كسب رضاهم على حساب دولة القانون ومقدرات البلد وثروتها.اتقوا الله في بلدكم.