بعض الناشطين الوطنيين او الديموقراطيين ممن فاتهم قطار العمل السياسي.. ركبوا القطار الخطأ. صفوا مع مجاميع التخلف الناشطة حاليا او اقتفوا اثرها ورددوا شعاراتها وطروحاتها الخاصة.
لقد همشت السلطة على مدى العقود الاربعة الماضية، همشت التيار الديموقراطي الوطني. في ذات الوقت الذي ألقت الحبل على الغارب لمجاميع الردة الحضارية او سلمتها «الخيط والمخيط». هذه المحاباة من قبل السلطة أصابت بعض الوطنيين بالاحباط. وفرضت عليهم الشعور بالعجز والنقص مما اضطرهم الى محاولة تعويضه او التخلص منه باي طريقة وثمن. فكان ان اختار البعض الالتحاق بقطار التخلف بدلا من وقفه او حتى تغيير مساره.
ليس مشكلة «خطيرة» مسألة التعاون مع مجاميع الردة، مع اني على ثقة بأن النظام والحكم ارحم واقرب سياسيا ومدنيا من هذه المجاميع لمن ينشد المصلحة الوطنية العامة والتقدم الشامل. لكن هناك فرق بين التعاون او الالتحاق مع الاحتفاظ بالخواص والنفَس الديموقراطي الوطني، وبين التخلي تماما عن كل هذا و«التقلقص» – ولا اعتذار – خلف مجاميع الردة. فرق كبير بين التعاون والالتحاق، وفرق كبير حتى بين الالتحاق وبين التسليم التام لمجاميع الردة والتخلي عن الهوية الوطنية الديموقراطية تحت دعاوى تنامي فساد السلطة وقصورها. في حين ان التفكير السريع او العابر في وضع البلد يؤكد ان مسؤولية الفساد عامة وان مجاميع التخلف التي انضوى تحت لوائها البعض هي الجزء الاكبر من المشكلة وليست المنقذ القادم كما هو الادعاء.
القوى الوطنية الديموقراطية مطالبة اليوم بالذات، وبعد التنامي الفاضح للمد القبلي الديني مطالبة بتعميق وتجذير الطروحات الوطنية، وتثوير العروض الديموقراطية والتصدي للفساد العام الذي يلف البلد. والآن ومع مخاطر استمرار انخفاض اسعار النفط فإن المؤمل من القوى السياسية المسؤولة مصارحة الناس وعرض الخطر الحقيقي الذي يهدد البلد. خطر المليون كويتي ممن خلقهم الانفاق الريعي وليس خطر اثنين أو ثلاثة من مقاولي الانشاءات.
إن الفساد الحقيقي هو في طريقة توزيع الثروة وليس على من توزيعها. فالثروة النفطية حاليا هي منح وعطايا وتمييز للبعض عن الآخرين والمطلوب تحويلها إلى مكافآت عمل وتعويضات جهد وحقوق للمنتجين وليست ملكاً لسعيدي الحظ ممن تحصلوا على الجنسية.