في المذكرة التفسيرية لدستورنا الذي هو «مقدس» عند الجميع، حكومة ومعارضة. او على الاقل هكذا الادعاء. في تفسير المادة 31 من هذا الدستور اكد المفسر على ان حظر العقوبات الوحشية امر «مفروغ» منه. لا داعي اساسا الى تشريع امر حظره لان المفسر يعتقد بان لا مكان لهذه العقوبات في المجتمع الكويتي الحالي – عند وضع الدستور – وليس هناك امكانية للتفكير بها مستقبلا، يعني هذه الايام. هذا يمثل رفضا قطعيا ونهائيا لا لبس فيه لايذاء المتهم او الحط من كرامته.
لكن منذ تنامي الردة الرجعية، سواء في صفوف السلطة ام المجتمع، كان ولا يزال هناك حرص على ايذاء خلق الله والحط من كرامتهم لانهم ارتكبوا ما يعتقد البعض من ساسة الردة الرجعية انه مناف للعادت والتقاليد او مروق عن الدين. لقد وصف الدستور من يخالف القوانين بانه «مجرم» ولكنه حذر في ذات الوقت من ايذائه او الحط من كرامته.
جماعة الردة حريصون على ايذاء من خرج عن شورهم او ارتكب ما يعتقدون بانه تعد على المألوف من عاداتهم وتقاليدهم. وهم يقدمون المقترح القانوني تلو المقترح لفرض العقوبات التي حظرها الدستور في ذات الوقت الذي يتداعون فيه للدفاع عمن سجن بلا تعذيب او اهانة ممن تعدى على القوانين الوضعية او اخل بالنظام والامن العام. يستنكرون سجن من عبر عن رأيه في القوانين الوضعية ولكنهم يدعون الى ايذاء وتحقير من يتعدى على الموروث والتقليد.
حكوماتنا التي صمدت طوال هذه السنوات للابتزاز الرجعي المعني بفرض العقوبات وتتغاضى عن التعذيب الوحشي تبدي تنازلا هذه الايام. وتصطف مع المدافعين والمؤيدين لتطبيق العقوبات التي حظرها العهد الدولي لحقوق الانسان الذي استمد دستور الكويت مجمل مواد الباب الثالث منه.
على ما يقال «السكوت علامة الرضا». حكومتنا حاليا لم تمارس السكوت مع انه كان في امكانها ذلك. بل هي مضت الى الابعد هذه الايام في مناصرة العقوبات التي حظرها الدستور والى التصدي لمن يعمل على حظرها او حتى انتقادها. في مخالفة صريحة وواضحة للدستور الذي يتغنى به الجميع في الكويت.