يقول «عبدالعزيز» إنه أفنى حياته في تطبيق القانون وتحقيق العدالة، ممضيا نصف قرن تقريبا في مهنة المحاماة، وبالتالي كان مصدر استغرابه ان تحدث معه الواقعة التالية، وهو الواعي والمختص بطريقة عمل الحكومة وتحقيق العدالة، والخبير بدهاليز الحكومة، فكيف هي حال المواطن العادي البسيط، الذي لم يقرأ في حياته نصا قانونيا، وكيف يتعامل مئات الآلاف يوميا مع الحكومة إذاً؟
يقول إنه بدأ بالتعامل مع إدارات الدولة فور تخرجه في نهاية الستينات، ولم يكن يتصور أن التسيب سيبلغ يوما هذه الدرجة، وكيف اصبحت اللامبالاة هي أساس العمل الحكومي، مع غياب أي اهتمام بمفهوم الواجب، وما يعنيه ذلك من إضاعة وقت ثمين للمراجع، ولكنه يجزم الآن أن الباب المؤدي الى التقدم قد أصبح خربا، لا يمكن فتحه.
يقول عبدالعزيز إنه قام في يوليو الماضي بشراء مواد بناء ودفع الثمن. لم تصل البضاعة في موعدها، فتوجه الى المحل فوجده مغلقا بأمر من حماية المستهلك. وبصفته رجل قانون، تقدم بشكوى الى وكيل التجارة لشؤون حماية المستهلك، وكان ذلك في يوليو 2014، واستجابة للحملة الاعلامية الكبيرة التي صاحبت تطبيق قانون حماية المستهلك، والتي كلفت الدولة الكثير، تسلم سكرتير الوكيل الكتاب، وطلب منه المراجعة بعد اسبوع، وبعد أسبوع طلبوا منه مراجعة مركز الجابرية، حيث سيرسل الكتاب، فطلب أن يقوم بتوصيله إلا نهم رفضوا بحدة. بعد اسبوع راجع مركز الجابرية، فأبلغوه أن الكتاب لم يصل، وعليه مراجعتهم ثانية، وثالثة ورابعة. وبعد يأسه عاد إلى الوزارة، وهناك تبين أن معاملته ارسلت بالخطأ الى مركز حماية المستهلك في الأندلس. فذهب إلى هناك وشرح لهم الوضع، فطلبوا منه مراجعة مركز الجابرية. وهناك أبلغه المراقب أن الكتاب يجب أن يصل الى مركز الصديق ثم يحول الى مركز الجابرية، وهذه اجراءات الوزارة، وهو لا يستطيع عمل شيء حيال ذلك، وأن عليه الذهاب الى مركز الصديق! سلم عبدالعزيز امره لربه، وقام بمراجعة مركز الصديق، وهناك طلبوا منه أن ينسى شكواه القديمة، وأن يتقدم، بعد ستة اشهر من المراجعة والتأخير، بشكوى جديدة عند مركز الجابرية.
ويقول إن هذا ما حصل معه، ومأساة أن يحدث ذلك في عصر العولمة والتقدم، وفي عصر يعتبر فيه الوقت أثمن ثروة، وفي بلد يبذل المخلصون قصارى جهدهم لدعم الاصلاح وقيم النزاهة ومحاربة الفساد فيه.
وهنا نقول لصديقنا عبدالعزيز إن تقرير البنك الدولي الذي نشرته القبس قبل فترة قصيرة، بين أن الدورة المستندية في الكويت هي أكثر سوءا من مثيلاتها في تنزانيا ومالاوي وزامبيا وفيتنام والفلبين وغواتيمالا، ولا أستغرب إن اكتشفت أن السبب في تقدمها على الكويت، هو لأن الكويت سبق وان تبرعت لها لتحسين دورتها المستندية.