«داعش» هو الوريث الشرعي لتنظيم القاعدة، ولكن في صورته الأولى وفي بداياته، داعش استطاع أن يطبق الاستراتيجية التي كانت تطبقها تنظيم القاعدة في زمن زعيمه أسامة بن لادن، ومن أهم وأخطر ما توصل اليه هذا التنظيم هو أنه أصبح مستقلاً كلياً ويحاول أن يكرس أو ينشر هذه النسخة المتطورة من تنظيم القاعدة، واستطاع أن يفاجئ الجميع في أمرين أساسيين، الأول هو الاكتفاء المالي الذاتي، والأمر الثاني هو امتلاكه للأرض فهو يملك أرضاً كبيرة حيث يسيطر على ثلث سورية وربع العراق من الشمال، ولم يخضع لسلطة حكومة مثلما كانت عليه الحال القاعدة في أفغانستان
أصبح داعش مع مرور الوقت يسيطر على المال والأرض ويملك خبرة قتالية غير عادية اكتسبها من حربه لأكثر من سنتين في سورية وأكثر من ستة أعوام في العراق.
والأخطر أن التنظيم الجديد لا يوجد على أرض أجنبية، مثلما هو حال تنظيم القاعدة الأم في أفغانستان، فقد اصبح في قلب المنطقة العربية، أي في العصب الأساسي للأمة الاسلامية، وهو يسيطر على ستة ملايين كيلو مترات من الأراضي العربية الاسلامية وهي سورية والعراق وهي أكبر من مساحة بريطانيا العظمى، وهذا ما يميز التنظيم عن القاعدة الأم في أفغانستان، وهذا يشكل الخطورة الأكبر من كل النماذج السابقة التي شاهدناها في المنطقة.
أصبح عدد هذا التنظيم الآن أكثر من 70 ألف مقاتل، منهم 50 ألفاً في سورية وأكثر من 20 ألفاً في العراق والعدد في تزايد، فهو على عكس التنظيمات الأخرى على سبيل المثال النصرة مثلاً، فالتنظيم مفتوح لكل الجنسيات الاسلامية ونصف المتطوعين والمقاتلين معه هم من غير العراقيين ومن غير السوريين أيضاً.
ما يفعله هذا التنظيم من ذبح وأسلوب الترهيب ليس جديداً، فطريقة الذبح والقتل نسخة مطابقة لما فعله أبو مصعب الزرقاوي في العام 2006 للرهينة الأميركي «نيكلوس بيرغ»، وهذه الطريقة حذر منها أيمن الظواهري.
رئيس التنظيم أو الخليفة أبو بكر البغدادي يقلد جنكيزخان وهو أسلوب «فقه الترهيب» كما اتبعه جنكيزخان في السابق وقتل مئات الآلاف، ومؤسس الدولة العباسية أيضاً اتبع ومارس نفس هذا الأسلوب، وأيضا مؤسس الدولة العثمانية قد قتل الآلاف بنفس المنطق وهو فقه الترهيب، فهذا ليس جديداً على التاريخ كما كان له منظرون ومبررون ومؤيدون في السابق.
هذا التنظيم أخطر بكثير من تنظيم القاعدة في نسخته الأصلية في أفغانستان، فهو نسخة جديدة أكثر دموية من السابق، لارهاب أي دولة أو قوة تواجهه.
هي حرب معلنة على الجميع بلا استثناء، فاليوم اتحدت ايران مع السعودية والولايات المتحدة لضرب هذا التنظيم وطوت كل الخلافات فيما بينها، أما بخصوص الولايات المتحدة فبسبب وجود أكبر قنصلية لها في العالم وهي موجودة حالياً في أربيل وفيها أكثر من ثلاثة آلاف أميركي يعملون فيها، فكان داعش على وشك أن يدخل أربيل لولا تدخل القوات العراقية والطائرات الأميركية في هذه المنطقة التي منعتهم من الدخول، فهناك أيضاً ست شركات أميركية تعمل في أربيل فقررت الادارة الأميركية التدخل لحمايتهم، ولجأت الولايات المتحدة للتعاون مع الأعداء لحماية مصالحها في المنطقة، فوضعت كل خلافاتها جانباً الآن لمواجهة خطر داعش على مواطنيها.