عندما تخرج هذه المقالة إلى الحياة، وتصرخ صرختها الأولى، ستكون الجموع قد اجتمعت، في ساحة الإرادة، واستقرت، ما لم يتم قمعها، باسم القانون، كالعادة.
الغريب، والمؤلم، هو ردة فعل عتاة الليبراليين، على القمع البوليسي الدائم للتجمعات، رغم مخالفته الدرس الأول في «كتابهم الأخضر»، الذي يستقون منه تعاليمهم ومبادئهم وسلوكهم.
إلا إن كانوا يعتقدون أن الحريات مقتصرة على «الليبراليين» فقط، هم من يحق لهم التجمعات، والمسيرات، والاحتجاج، والصراخ، والغضب، فإن قُمعوا قامت القيامة، وإن نُهروا ناحت نائحات البصرة… عندها لا تثريب عليهم ولا تشريب.
وأتذكر مناحات بعض أدعياء الليبرالية، عندما فغروا أفواههم على مصاريعها، وهم يمسحون دموعهم خوفاً على القانون: «التجمعات فقط في ساحة الإرادة، كما ينص القانون»، وعندما أرادوا هم التجمع، احتجاجاً على خيبات اتحاد كرة القدم ورئيسه، بعد فضيحتنا الخليجية الأخيرة، قرروا أن يكون التجمع في مقر الاتحاد، لا في ساحة الإرادة! ليش؟ «لأننا أحرار»، هكذا برر أحدهم بكل طفاقة.
ما هكذا تؤتى الليبرالية يا قوم. وإن كنا نهاجم من يستخدم اختراعات الغرب للدمار، كاستخدام السيارات مثلاً للتفجير، أو استخدام «يوتيوب» لتصوير مقاطع النحر، فلا يمكن أن نسكت عمن يستخدم الليبرالية الغربية ربطة عنق يرتديها في الأفراح والليالي الملاح.