يهتم علم السياسة بدراسة الأنظمة السياسية، في مختلف الدساتير، وفي كل الأشكال المتعددة للحكم، بينما علم الاجتماع السياسي يبحث عن توضيح دواليب الترتيب السياسي، بعبارة أخرى استخلاص قواعد الحكم، واذا تأملنا في السياسـة نجد أنها أولاً وقبل كل شيء نشاط اجتماعي اذ أن الحدث السياسـي انما هو حدث اجتماعي.
السياسة عموماً حركة اجتماعية، كالانتخاب والاستحواذ على السلطة والمعارضة ومواجهة القوانين الفاسدة ظواهر اجتماعية، والمشكل الأساسي في علم الاجتماع السياسي يتمثل في العلاقة الموجودة بين السياسة والمجتمع، هذه العلاقة ليست حكراً على المجتمعات المتطورة فقط بل المجتمعات المتأخرة أيضاً.
بينت الدراسات النظرية كيفية ارتباط مفهوم البيروقراطية في بعده التاريخي وبينت من جهة أخرى كيف تمت استعارة البنية التحتية والبنية الفوقية، فيرى ماركس أن متغيراً اجتماعياً سياسياً واحداً باستطاعته أن يحدد طبيعة الدولة، ومن بين المظاهر المتغيرة البارزة في عصرنا تضخم المكاتب، وتعدد مستويات القرار، وقانون العقوبات، ومشكلة الاقناط بواسطة الخطاب المميز الذي يخضع لمنطق خاص.
عالم الاجتماع الأميركي – غوفمان – يتطرق الى نظام المؤسسات الشمولية التي تمارس على الأفراد لتأخذ الأدوار الأساسية في تلك المؤسسات مثل السجون، والجيش والشرطة وأيضاً كليات التدريب اعتباراً على انها جهات فعالة وأساسية، وقد بين لنا التاريخ أن الأفراد داخل هذه المؤسسات الأكثر فعالية ونزعة ثورية عندما يتعلق الأمر بمعارضة ذوي نزعة ثورية أيضاً.
مهما تكن العقبات والعوائق، يجب القيام بتحريات دقيقة لفهم نوعية العلاقة بين نصوص الدستور وبين الآلية المتبعة في التطبيق، ونتائج هذه التحريات هي التي تسمح لنا بأن نقيس درجة الاستقلالية الذاتية، ودرجة انغلاق وانفتاح كل نص من نصوص الدستور.
رغم تشكيك البعض في مدى سلامة النوايا جراء المطالبات المستمرة للحقوق أمام القراءات التي تمت ممارستها، الا أنه لم يتفكك أو يضعف سقف المطالبة الدستورية، وهناك من يعتقد عدم قدرتنا برفع سقف المطالبات وبناء وضع عام للخطاب يسمح لكل قارئ مهما كانت كفايته الفكرية والثقافية أن يتموضع داخل الأهداف لمعرفة حقيقة الوضع المزري.
وفق كل ما آلت اليه الأوضاع السياسية في وطننا الغالي وفي كل المجالات بلا استثناء، ومحاولة تكميم أصوات الشباب، العاليـة، بات من الضروري الآن بتأسيس منظور جديد وبعقل خاص، وهو منظور العقل الاستطلاعي الكفيل بتوليد أدوات جديدة قادرة على خدمة الفكر الحديث، المعاصر، للنهوض بأوطاننا كما نشــاء، واسترداد بعض الحقوق المغتصبة ووقف نزيف الفساد ومحاولة حماية أموال أبنائنا وبناتنا قبل أن تنتهي، وننتهني جميعـاً.