أكد جون كيري وزير الخارجية الأمريكية أمام اعضاء الكونجرس الأمريكي ان دعم إيران كان مهماً لميليشيا الحوثي وان الدعم الإيراني للمتمردين الحوثيين في اليمن أسهم في سيطرتهم على هذا البلد وانهيار حكومته.
يجد أصحاب السياسة الأمريكية في المنطقة انفسهم في مأزق جديد بعد تصاعد حركة الاحتجاجات الشعبية العربية ضد التيارات والميليشيات الإسلامية المتطرفة..فالولايات المتحدة التي سعت مع دول الخليج العربية والأمم المتحدة لتهدئة الأمور في اليمن بالدعوة الى اجراء حوار بين الاحزاب والحركات السياسية والقبائل المتنافسة في اليمن وتشكيل حكومة مؤقتة بقيادة الرئيس هادي تمهيداً لوضع دستور جديد واجراء انتخابات حرة لاختيار الرئيس والبرلمان..فالولايات المتحدة تجد نفسها تواجه ليس فقط منافسة الدول العظمى مثل روسيا والصين على النفود في المنطقة بل تجد قوة اقليمية جديدة مثل إيران وحزب الله اللبناني يعرقل جهودها لاعادة التسوية في اليمن وسورية والعراق وتكمن قوة إيران الحقيقية في المنطقة من فرضها الطابع الطائفي للمواجهات المسلحة..فهي قد تحالفت باقتدار مع الاحزاب والحركات الشيعية في العراق ومع حزب الله في لبنان ومع النظام العلوي في سورية والآن تدعم بقوة حلفاءها الحوثيين في اليمن.
معضلة الولايات المتحدة ومعها دول الخليج والأمم المتحدة حول تصورها بانه يمكن اجراء حوار بين الفرقاء في اليمن وعمل دستور وبعدها اجراء انتخابات حرة نزيهة لكن الجميع لم يأخذ في الاعتبار طبيعة القوى السياسية اليمنية وطبيعة المجتمع القبلي المتخلف في اليمن فلا يمكن اجراء انتخابات حرة في مجتمع ودولة لا يوجد فيها قيم ديموقراطية ومجتمع مدني متحضر يسعى الى انشاء ديموقراطية غير ليبرالية..لذلك تم بسهولة اجهاض كل المحاولات للحوار..لأن الحوثيين ومعهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح لا يؤمنون بالحوار ولا بالديموقراطية اصلاً..هذه القوى الفاسدة تعي تماماً أن الحوار الديموقراطي في مجتمع تقليدي تسوده القبلية والطائفية ورفض الآخر لا يمكن ان ينجح لأن الولاء القبلي والطائفي والمناطقي يفوق الولاء للوطن.
فالتجربة السوفيتية ودول أوروبا الشرقية مع الديموقراطية بعد انهيار الاتحاد الاتحاد السوفييتي في أوائل التسعينيات ادت الى الانقسامات العرقية والدينية وادت الى تمزق يوغوسلافيا الى دويلات تحارب بعضها البعض..دول الشرق العربي وليس اليمن وحده فشلت في ترسيخ وتعزيز الديموقراطية لأن هذه الدول ومجتمعاتها تفتقد الثقافة الديموقراطية ولا تملك مجتمعاً مدنياً متحضراً.. لذلك برزت تيارات واحزاب دينية متطرفة قبل وبعد ثورات الربيع العربي تستخدم لغة العنف وليس لغة الحوار لنشر افكارها الإرهابية المتطرفة..هذه التيارات الدينية تحارب الولايات المتحدة والغرب بشكل عام لتصورهم بأن الغرب هو المسؤول عن بقاء واستمرار الأنظمة العربية.
ما يحدث في اليمن اليوم هو صراع سياسي داخلي بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح المتحالف مع التيارات الحوثية ضد الحكومة الانتقالية والقبائل فالولايات المتحدة في النهاية تسعى بقوة لمنع وصول قوى سياسية تهدد مصالحها في المنطقة مثل جماعات القاعدة والحوثيين..لذلك تجد الولايات المتحدة نفسها تحاول الابتعاد عن السياسات الانقسامية والانشطارية في الوطن العربي..مثل ما يحدث في العراق وسورية ولبنان وليبيا واليمن.
الاستراتيجية الأمريكية تجاه الخليج لم تتغير فقد اعلنت مراراً أن مصالحها في المنطقة تتلخص في حماية إسرائيل ولن تسمح لأحد ان يهدد مصالحها النفطية في الخليج وهذا يشمل إيران.