الأخبار تتردد عن عزم الانظمة العربية مناقشة أمر تشكيل قوة أمن من بينها في مؤتمرها القادم، وذلك للتصدي للارهاب وضمان الامن القومي العربي! هذا يعني وبلا شك او ريب ان هذه الانظمة تتوقع، او ربما هي تعلم جزماً أن الارهاب سيستمر، وان خطره لن يتوقف بالقضاء على منظماته الحالية، بل ان منظمات واخطاراً مستقبلية ستكون هاجسا، على الانظمة التحسب لمواجهتها من الآن. الانظمة هنا تعلم تماماً ذلك، والا لماذا تشكيل قوة امن للتعامل مع الآتي في وقت فيه اغلب هذه الانظمة او كلها في الواقع مشارك في تحالف عالمي عملي، وجارٍ الآن للقضاء على الارهاب؟ ما الذي سيكون في امكان هذه القوة العربية المشتركة المزمع تشكيلها فعله مما عجزت او تعجز عنه القوة الدولية الحالية المتحالفة لدحر «داعش»؟ لا شيء بالطبع.. لهذا فان القوة الامنية التي تحرص الانظمة العربية على تشكيلها هي لمواجهة خطر الارهاب القادم!
والسؤال هنا: لماذا يجب ان يكون هناك ارهاب قادم؟ ولماذا تتحسب الانظمة العربية للمواجهة العسكرية مع هذا الارهاب؟ أليس الافضل والاسهل البحث عن اسباب مصادر ومكونات الارهاب، وبالتالي القضاء عليه في المهد؟! ولماذا يجب علينا ان نكون في مواجهة مستمرة مع الارهاب؟ ولماذا لا يمكن القضاء عليه الى الابد؟
لماذا أصلاً تضع بعض الانظمة العربية نفسها في معركة دائمة مع شعوبها تحت دعاوى وحجج حفظ الامن القومي؟ ومن يضمن الا تعمم هذه القوة المشتركة او تلك الانظمة مهمتها، فتشمل كل حركة وكل تمرد شعبي او ثوري، وتتولى بالتالي قمعه بحجة الارهاب وتهديد الامن القومي العربي؟ ما الذي سيمنع استخدام هذه القوة لـ«حماية» الانظمة الحالية ولاستمرار بطشها، خصوصا ان عددا من الأنظمة تتوافر فيها نفسها مقومات وجذور وبذور الارهاب التي تدعي مقاومته.
ان القضاء على الارهاب يتطلب القضاء على اسبابه، وخلق مجتمعات وتكوين مؤسسات قادرة على نبذ الارهاب ومواجهته في المهد. بهذا لا توفر الانظمة العربية التكلفة، بل تختصر المعاناة والكلفة الغالية التي تتبع اي حرب تشن ضد الارهاب او غيره. لكن بالطبع هذا صعب على الانظمة العربية.. فهي ذاتها تحمل في طياتها بذور وجذور الارهاب، وبعضها كما رددنا مرارا وتكرارا خلق هذا الارهاب ورعاه، وربما لهذا تتحسب هذه الانظمة لمواجهة نقيضها الذي تتولى خلقه وافرازه يوما بعد يوم.