حزب المواطن العادي، هو حزب هندي نشأ منذ سنتين او ثلاث في ولاية نيودلهي حاضرة السياسة ومسرحها، هذا الحزب ولد من رحم آهات وآلام ومعاناة المواطنين الهنود من الفساد المستشري في الهند عموما وفي ولاية نيودلهي خصوصا، وزعيمه ومؤسسه هو مواطن عادي هو مهندس بسيط يدعى أرفنيد كيجريفال، وقد تمكن هذا الحزب الجديد بهذه القيادة المتواضعة وفي أول انتخابات يخوضها من اكتساح مقاعد المجلس التشريعي لولاية نيودلهي، فقد فاز بأربعة وستين مقعدا من أصل 70 وتغلب على أحزاب كبيرة وعريقة ولم يترك لها وللمستقلين إلا ستة مقاعد فقط في مجلس الولاية الكبرى، في اكبر ديموقراطية في العالم، فشكل ظاهرة لم يسبق لها مثيل في الديموقراطية الهندية، واليوم يفكر الحزب للانطلاق لولايات أخرى بل وقرر خوض الانتخابات العامة على مستوى عموم الهند.
واللافت أن مؤسس الحزب ليس سليل أسرة عريقة ولا أسرة تمتلك المال ولا هو من رجال المال والأعمال، بل انه كما أسلفت مهندس عادي شأنه شأن ملايين المهندسين الهنود ولكنه نظيف الثوب واليد ورفع شعار المكنسة «المخمة» في إشارة لتنظيف المجتمع السياسي، وتبنى قوانين صارمة لمحاربة التربح والرشوة والفساد، فوثق به جمهور الناخبين في ولاية نيودلهي ومنحوه الفرصة كاملة، وهو منذ شهر يعمل بجد وإخلاص لتحقيق وعوده خلال الخمس سنوات التي بدأت منذ شهر تقريبا، ولكن الفاسدين والمافيات في نيودلهي بدأت تتضرر بعنف وتصرخ، ولا يزال السيد كيجريفال زعيم الحزب يتعهد بإحداث إصلاحات سريعة سيشعر بها المواطن في وقت قياسي، والأهم انه لم يقل ان الفساد متفش منذ زمن بعيد وإصلاحه يتطلب سنين طوال، وإنما يرى أن الخمس سنوات كافية لتحقيق الإصلاح المنشود في ولاية نيودلهي.
ومن هذه الحكاية التي انقلها من الواقع الهندي الذي كنا نرى أن الفساد فيه ليس له مثيل رغم الديموقراطية ورغم وجود الأحزاب الكثيرة التي كلها ترفع شعار مكافحة الفساد ومع ذلك فإن الفساد تكبر رقعته كل يوم، إلا أن الهنود اليوم يقدمون نموذجا في كيفية الإصلاح الناجع، فقد قاموا بترك كل الأحزاب التي تواجدت في مجلس نيودلهي التشريعي، الذين تعايشوا مع الفساد وشاهدوه وهو يكبر بل وقد يكونون شاركوا فيه وقدموا له الحماية، وتوجهوا لحزب جديد ومنحوه فرصة كاملة الدسم أي أغلبية مريحة في المجلس التشريعي وسينتظرون فإن انجز جددوا له وان عجز أحالوه الى التقاعد في الانتخابات المقبلة، وهذه علة الديموقراطية، ان وجد جمهور ناخبين واع ينتخب للإصلاح والتنمية والتقدم للوطن ومواطنيه، وليس كما هو الحال عندنا جمهور ناخبين أكثر من ربعه محبط قرر مقاطعة الانتخابات والباقي ينتخب للقبيلة أو الطائفة أو العائلة أو الأيديولوجية أو لمصلحة شخصية كمعاملة أو حفنة من الدنانير، فيرتفع شأن هذه الأشياء ويتخلف الوطن على كافة المستويات ويتضرر جميع مواطنيه، لنجد بعد ذلك الجميع يتذمر ويبكي على حال الوطن كلما سافر للجوار القريب أو البعيد، ليعودوا ليحملوا الديموقراطية والنظام العام أسباب هذا التخلف ويتنصل الجميع من مسؤولياتهم عنه!
والحقيقة التي يجب أن يعيها الجميع أن الصوت الانتخابي كلما حرصنا على وضعه من أجل مصلحة الكويت وبعيدا عن العاطفة والعصبية، تحققت مصلحة الوطن وأهله، وإذا ابتعد الصوت الانتخابي عن المصلحة العامة واقترب للتقاعس أو لمصلحة القبيلة أو الطائفة أو العائلة أو المصلحة الشخصية فإنه يعد خروجا على الديموقراطية وإساءة لها والإساءة الأكبر للوطن وأهله ومستقبلهما، فهل من مدكر؟
آخر مقالات الكاتب:
- قوافل اللاجئين صنيعة الغرب وعليه حلها
- روسيا ستنجز ما عجزت عنه أميركا..
- غداً ذكرى عزيزة للكويت وأهلها..
- بعد التجميد.. الحكومة تصفي الأوفست؟!
- روسيا.. الذهاب إليها متأخراً خير أيضاً
- «حماس» شرطي إسرائيل في غزة
- العبادي بدعم الشعب سيسحق الفساد
- سلمت عين الأمن الساهرة
- فزعة العراقيين على الفساد والفاسدين..
- إجرام الطالح علي عبدالله صالح