برز في الكويت منذ زمن ليس ببعيد حراك سياسي فعال يتمثل في العديد من المطالب السياسية المستحقة، والتي كانت نتاج لضعف أداء السلطة في وضع البلاد على طريق التقدم والتطور والازدهار، تعليم متردي، مرافق متهالكة، قطاع صحي ضعيف، جهاز إداري غير قادر، مشكلة إسكانية، إنجاز مفقود، فساد منتشر، وغيرها من المظاهر السلبية.
كل تلك الأمور دفعت الشباب وقطاع كبير من المجتمع ليعلن رفضه لذلك الأداء الضعيف والمتردي، والذي هز مكانة الكويت وأثر على موقعها على مختلف المؤشرات الدولية، مما دفع الجموع والحشود للمطالبة بالتغيير نحو الأفضل.
لقد كان في تلك المرحلة مظاهر عديدة تدل على أن التيارات السياسية والقوى الشبابية متفقة حول مطالب محددة، وتتوفر لديها الإرادة نحو تحقيقها، بالإضافة الى وجود تفاهمات واتفاقات واضحة للعلن، وهو ما أدى في النهاية إلى وجود أول رئيس وزراء سابق في الكويت أقصى بإرادة شعبية، وهو ما يدفعني إلى أن أوجه شكري الجزيل للسلطة على استجابتها للمطالب الشعبية في تلك المرحلة.
إلا أن المرحلة التالية وتحديدا بعد إبطال مجلس فبراير 2012 وتشكيل المعارضة من جديد بدأت بعض ملامح الخلافات وعدم الاتفاق وضعف الإرادة، ويتجلى ذلك من خلال إنشاء بعض الكيانات المعارضة فتارة تنسيقية الحراك، وتارة ائتلاف المعارضة، بالاضافة الى كيان أغلبية المجلس المبطل، كل ذلك عزز من مظاهر الخلاف والتضاد، كما كان هناك بعض التيارات السياسية التي أرادت اقحام بعض القضايا والمطالب الاخرى والتي أعتقد بأن دخولها على الرغم من أهميتها في هذه المرحلة سيؤدي إلى اضعافها، ولكن بسبب تعنت وضعف الفكر الاستراتيجي لمناصريها خلق صراع آخر بين مكونات المعارضة، ما خلق لدينا أيضا تيارات تغرد خارج السرب، أضف الى ذلك الدور الذي لعبه بعض الشبيحة من خارج الحراك والذين عززوا من الخلاف ونفخوا فيه، وللاسف كان هناك من يستجيب لهم وينفذ ما يطلبون، كل ذلك أوجد لدينا حلبة صراع بين مكونات الحراك السياسي أدت إلى إضعاف ثقة الشارع بهم الذي هو في الأساس غير راض عن أداء السلطة فالكل متضرر من هذا الأداء المتردي.
إذن، ما الحل؟
الحل يكمن في إعادة ترتيب البيت الداخلي للحراك السياسي الكل يشترك فيه، وبناء جسور الثقه، ورص الصفوف، وتجاوز الخلافات “ولو مؤقتا”، وتحديد الغايات والأهداف، وآليات التنفيذ.
كيف يحدث ذلك؟
الخطوة الأولى: الاتفاق على تأجيل وتجاوز كافة الخلافات حتى تتحقق المطالَب التي تدعولها المعارضة، يقول الله تعالى “وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ”.
الخطوة الثانية: الصدق مع الذات/ النفس، وتوافر الإرادة الحقيقة للتغيير، فكما أقول دائما .. التغيير إرادة.
الخطوة الثالثة: رفع وعي مكونات الحراك بضرورة تجاوز الخلافات في هذه المرحلة.
الخطوة الرابعة: عقد مؤتمر وطني لتحديد الأهداف والمطالب والتي يجب ان يتوفر فيها الحد الأدنى من القبول العام.
الخطوة الخامسة: إصدار وثيقة رسمية موقع عليها من جميع مكونات وأطراف المعارضة وتلتزم بها، موجه في البداية للشعب من أجل تسويقها وقبولها شعبيا ومن ثم ترفع للسلطة.
الخطوة السادسة: إظهار الحشد الشعبي من اعتصامات ومظاهرات “قانونية” لتجنيب مواجهة الشعب لقوات الأمن وإيصال رسالة واضحة لتلك المطالَب، كما حدث على غرار فعاليات عزل رئيس الوزراء السابق.
الخطوة السابعة: تنويع الأشخاص المسوقين لتلك المطالَب، وعدم تكرار نفس أشخاص المرحلة السابقة لكي نبين للسلطة بأن هناك تنوع اجتماعي يدعم تلك المطالَب، وأقصد من ذلك إعطاء فرصة لقيادة الشباب لهذه المرحلة.
كما اقترح بأن تكون اول تلك المطالَب الشعبية الافراح الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين وإسقاط الأحكام والتهم عن كافة مكونات الحراك السياسي.
إنه مجرد رأي واجتهاد قد يخضع للقبول او الرفض..ولكنها مجرد محاولة..ودمتم.