يشكو النظام التعليمي في الكويت من علل وعيوب شتى، نتجت في غالبيتها من مرحلة تحكم الأحزاب الدينية، برضى الحكومات، بمقدرات الوزارة على مدى عقود قاربت الأربعة. وحتى عندما جاءت الحكومة بالمرحوم أحمد الربعي وزيرا للتربية، توج «عهده» بالموافقة على القانون الكارثة المتعلق بمنع الاختلاط، الذي نحاول في هذه الأيام التخلص منه بالطعن في عدم دستوريته، بعد أن كلف تطبيقه الدولة مئات ملايين الدنانير، هذا بخلاف آثاره التربوية التدميرية. ولولا تلك المرحلة المظلمة من سوء التربية والتعليم، وبالتالي سوء المخرجات، التي لا نزال نعاني آثارها، لما رأينا من شبابنا ذلك التكالب على الالتحاق بالحركات الراديكالية الدينية في أفغانستان والبوسنة والشيشان والعراق وسوريا، تاركين الغالي والنفيس خلفهم، هاجرين الأهل والدار لتحقيق أهداف غريبة وغير معروفة، وما كان ذلك ليحدث لو كانت المناهج غير ما هي عليه الآن من تطرف. ولا ننسى هنا طبعا دور بعض المساجد ودور العبادة الأخرى في الشحن الطائفي، وزيادة التوتر والاستقطاب في المجتمع الواحد. والملاحظ أن الكويت، التي كانت تتمتع ولا تزال بقدر أكبر من الحرية، مقارنة بشقيقاتها ورفيقاتها، كانت نسبة «المجاهدين» فيها أكبر من غيرها، مقارنة بحجمها، والسبب أن الأحزاب الدينية التخريبية كانت تتمتع فيها بحرية حركة أكبر من مثيلاتها في الأردن والبحرين والإمارات، على سبيل المثال، وبالتالي كانت قدرتها على تخريب العقول أكبر.
من هنا، يمكن القول ان تولي السيد بدر العيسى حقيبة وزارة التربية والتعليم العالي، يمثل نقلة نوعية في تاريخ التعليم، وسيكون «عهده» بلا شك علامة فارقة، ولا نتمنى شيئا غير أن يطول بقاؤه بما يكفي، لكي ينجز ما جاء من اجل تحقيقه، وهو الخروج بالوزارة، والكويت تاليا، من عهد الظلمات إلى عهد النور، بتخليصها من كل ما تسبب به إخوان الشؤم والسلف والتلف من خراب ممنهج، وبداية إنجازاته تمثله في خطواته الحضارية بالإسراع في مراجعة المناهج الدراسية، وحذف كل ما تعلق بالتطرف والطائفية والقبلية منها، وهو إن نجح في ذلك، وسينجح، فقد خلصنا من إرث فاسد كبير.
كما أننا نشيد بقراره الاتفاق مع شركة مايكروسوفت لتدريب 10 آلاف معلم ومعلمة على التعليم الإلكتروني، وهي خطوة مستحقة منذ سنوات. كما نبارك قراره إحالة السيدة مريم الوتيد، وكيلة الوزارة، الى التقاعد، بعد خدمتها الطويلة، ونتمنى أن يأتي بوكيل يمثل فكره التقدمي، من داخل الوزارة او خارجها، ليستمر العمل بنهجه للسنوات العشر المقبلة، على الأقل.