منصب المستشار في الدول الديموقراطية المتقدمة يعتبر من أهم المناصب في الدولة، فلا وجود للمحاباة والمجاملة بشأن تولي هذا المنصب الحساس لأن مهمته الرئيسية تكمن في رسم سياسة الدولة على الصعيدين السياسي والاقتصادي سواء كان في الشأن الداخلي أو الخارجي.
فالأمثلة على ذلك خير برهان، فمثلا، رئيس الحكومة الإسرائيلي نتنياهو قرر تعيين د. دوري غولد مستشارا سياسيا كونه خبيرا ومختصا في شؤون الإسلام والعالم العربي، واختياره لم يأت لمحاباة أو ترضية لتيار سياسي أو عائلة بل جاء لقدرته على تقديم استراتيجيات جديدة تخدم سياسة بلده.
مثال آخر، الرئيس الأميركي باراك أوباما، اختار فيليب غوردون مستشارا في البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج، واختياره أيضا لم يأت مصادفة أو مجاملة، لأن «غوردون» متخصص بشؤون الشرق الأوسط وهذا هو تخصصه منذ كان طالبا في جامعة «أوهايو» في الثمانينيات، فالاستفادة منه حتما ستكون ايجابية لصالح سياسات واشنطن في الشرق الأوسط.
فمن هذا المنطق الذي ذكرته لا بد أن يتم اختيار المستشارين في كل وزارات ومؤسسات الدولة، حتى نجني ثمار مشوراتهم الإيجابية تجاه القضايا التي يعاني منها المواطنون وغير المواطنين.
هناك من يعاني من غلاء الأراضي والإيجارات اللامنطقية والكارثية، وآخرون يعانون من فوارق الرواتب في وزارات ومؤسسات الدولة التي حولت الموظفين أصحاب التخصص الواحد إلى طبقات غير منصفة، وأصحاب الرواتب المتدنية باتوا هم الضحية لغلاء المعيشة، فضلا عن معاناة سوء الخدمات الطبية والتعليمية، كل تلك القضايا وغيرها بحاجة إلى نقل وتوجيه من قبل المستشارين لتصل لأصحاب القرار على صورتها الحقيقية حتى تتم معالجتها بشكل سليم.
فمتى ما تم اختيار مستشارين كما يتم اختيارهم في الدول المتقدمة حسب معيار الكفاءة والخبرة والمعرفة والقدرة على خلق الحلول، كما ذكرت في بداية المقال، فهنا سأقول لكم أبشروا، ستتعافى مشاكلنا، وسنتحول للأفضل.
إشارة حمراء: بعد صدور الحكم بالسجن عامين على النائب السابق مسلم البراك، عاد البعض بشعارات غير منطقية كالعادة، كردة فعل، وهي المطالبة بالحشد الشعبي والنداء بحكومة منتخبة، الأمر الذي يضعنا في قارب الغرق مادامتا ثقافتنا مبنية على ردود أفعال بعيدة كل البعد عن مشروع وطني يتناسب مع الثقافة السياسية والاجتماعية للمجتمع.
والحقيقة أننا كمجتمع لا نملك مقومات الحكومة الشعبية مادام معظمنا أسيرا للتعصبات القبلية والطائفية والعائلية، والتي كانت ومازالت صراعاتها بارزة على سطح الساحة السياسية.
وأقولها وأكررها دائما، الحكومة المنتخبة في وقتنا الراهن بمنزلة دمار شامل للبلد وسط عقول لا تعرف إلا لغة التحدي والانتقام.