في الآونة الأخيرة، عاشت الكويت حالة استثنائية من الفوضى وكسر للقانون نتيجة خلل مجتمعي أسبابه مختلفة ومتعددة الأطراف، وأبرزها يكمن في الانتقائية في تطبيق القانون.
فالمشهد السياسي كان وما زال مؤلما إلى حد كبير، فالتحدي الشخصاني تحول إلى سمة غلبت على أبرز عناوين الساحة السياسية إلى درجة أن الحديث عن الإصلاح بات غير فعال وسط ممارسات فوضويين، منهم من يرفع شعار الإصلاح وفي نفس الوقت يشاركون في طعنه، ومنهم من ينظر إلى سلم المصالح الضيقة إذا تبوأ منصبا حكوميا كبيرا، حتى أصبح شعار الإصلاح تائها بين أمواج الحياة السياسية العاتية وطرقها الوعرة دون أي إنقاذ يذكر.
بغض النظر عن الخلل الديموقراطي الذي نعيشه كمجتمع في ممارستنا للحرية، هناك خلل أكبر يكمن في المؤسسات الحكومية المختلفة التي
لا ترى الإصلاح هو الحل لنشل البلد من حالة الفوضى التي تكمن في عدم تطبيق القانون بمسطرة واحدة، فضلا عن تعطيل التنمية التي جاءت نتيجة جلسات غلبت عليها الترضيات والصفقات من دون النظر للحالة الحقيقية للتنمية.
إن تجاهل الحس الإصلاحي بات واقعا نعيشه ونرى أنه يحتضر وسط يأس شعبي ملحوظ خاصة في الآونة الأخيرة نتيجة تردٍ مؤلم انطلق من بوابة الصراعات التي باتت اليوم حديث الشارع، ولكي ننقذ بلدنا من مأساة الغرق التي نستشعرها، فالأمر اليوم بحاجة إلى رسم خارطة طريق جديدة تنطلق بوجوه جديدة بعيدة عن ساحة أهل صراع المصالح، والأمر بحاجة إلى وعي شعبي رغم أن هذا المطلب صعب أن يتوافر في تلك الظروف التي غلب عليها طابع التحدي والاصطفاف وراء ساسة بعيدا عن المصلحة العامة.
ومن أهم الأسس الإصلاحية، اختيار الطاقات والكفاءات الوطنية الشبابية بعيدا عن تعيينات «البراشوت» وعن وحل المحاصصة التي حولت الوزارات إلى مؤسسات خاصة «لقبيلة الوزير أو طائفته أو عائلته»، والأهم أن يكون الاختيار من أصحاب الضمائر الحية الذين يخافون الله بوطنهم، ويكون همهم الأول والأخير هو إنقاذ الكويت من خطر الفوضى، وذلك يأتي من خلال إحياء القانون واحترام الدستور، لاسيما أننا في مرحلة حرجة نحتاج فيها إلى مسؤولين أقوياء يعملون وينطلقون بالمشاريع التنموية المرتقبة إلى الأمام، ولا يخضعون لابتزاز المصالح الذي دمرنا.
البلد اليوم بحاجة إلى مسؤولين يعملون بالميدان ولا يهتمون فقط «بتبخير بشوتهم ومكاتبهم» في الصباح وفي المساء، وأيضا بحاجة إلى نواب يقدمون مصلحة البلد على مصالحهم ومصالح أقاربهم، ليس كما نرى أن الكثيرين يخدمون مصالحهم للاستمرار في كراسيهم للدورات الانتخابية المقبلة.
ورسالتي الأخيرة لأهل الكويت، وهي الأهم كونهم الأساس: الإصلاح بحاجة إلى مشاركة شعب واع يحترم ممارسة الديموقراطية، ويأخذ بيد كل إصلاحي، ويتجرد من شتى التعصبات وان يكون التعصب للوطن فحسب، فمن هنا قد نعود لاسترجاع هيبة الكويت، راكبين سفينة النجاة بفكر راق يسعى للتقدم لما هو أصلح، وبعد ذلك سوف نجد ضمائرنا تحمل روح المصلحة الوطنية.