تعددت تفسيرات الكثيرين لاسباب قيام صدام حسين، الرئيس العراقي المعدم بغزو الكويت. طبعا يأتي في مقدمتها عراقة ــ من ع.رق، وليس عراقاً- الأطماع او الاهتمامات العراقية في الكويت. اهتماماً منذ عهد الملك غازي ثم اطماعاً بعد ادعاءات عبدالكريم قاسم الذي حكم العراق بعد الاطاحة بالعهد الملكي. فصدام حسين وقبله حكم البعث ورثوا هذه الاطماع والادعاءات من العهود السابقة. وهي اطماع او اوهام تحولت الى واقع عند الحكام العراقيين بعد امتلاك العراق في وقتها اكبر رابع جيش في العالم.
بعد نهاية الحرب العراقية ـــ الايرانية اصبح الجيش العراقي بلا مهمة. بلا جدوى وبتكلفة عالية. ولم يكن من الممكن تسريح المجندين العراقيين، فقد احتل الاجانب الكثير او مجمل فرص العمل في العراق. حتى الزراعة التي كانت مهنة منبوذة بالأصل عند العشائر العراقية فقدها العراقيون لمصلحة «المستورد» من فلاحي مصر.
لهذا كان لا بد من استخدام الجيش العراقي. وكان لا بد لهذا الجيش ان يبرر وجوده، او بالاحرى ان يتكفل بنفقات استمراره وبقائه. وهكذا «اضطر» صدام حسين مدفوعا باطماعه وعنجهيته الى ان يغزو الكويت.
لا أريد هنا ان أخلي مسؤولية الرئيس العراقي المقبور من مسؤولية غزو الكويت. بقدر ما اريد تأكيد دور الظروف الموضوعية والعوامل المحلية والاقليمية التي جعلت من هذه الفكرة الجنونية تبدو مغامرة رابحة.
إذا كان ما توفّر لصدام حسين من قوة عسكرية فاقت حدود العراق هو ما دفع وبه الى المغامرة باحتلال الكويت، فإن البعض هذه الايام تتوفّر له قوة من نوع آخر. قوة أيضا تفوق إمكاناته او احتياجاته، او بشكل أدق قدراته الاستثمارية والتنموية. اي ان هناك خللاً في البنية الاساسية لبعض «القوى» الاقليمية يجعلها غير قادرة على «تصريف» او تفريغ هذه القوة محليا او التحكم بها بما يخدم اوضاعها واحتياجاتها الذاتية.
هذا دفع او يدفع ـــ كما اعتقد ـــ بمن يتملك هذه القوة الهائلة هذه الايام الى استخدامها تماماً، كما استخدم صدام حسين جيشه. الى صالح التمدد ـــ ربما ـــ القسري خارجيا، والى التدخل المتواصل في شؤون وشجون الغير.