من المعروف في كل الأمم أو الدول المتقدمة بأن نهضتها تقوم على سواعد شبابها، فهم منبع الأفكار التي تتواكب مع متطلبات العصر والحداثة، وهم من يملك الحيوية والنشاط لتنفيذ تلك الأفكار بطرق مبتكرة تتماشى مع معتقدات وعقليات الجيل السائدة.
تشير المؤشرات الديمغرافية بأن اكثر من 70% من سكان الوطن العربي هم من فئة الشباب اي دون سن الـ30 عاما «وهذا ما يسمى بالنافذة السكانية»، وهي اكبر نسبة يشهدها التاريخ البشري لكثافة الفئة الشبابية في إقليم معين بعد اقليم جنوب الصحراء الكبرى، ولكن السؤال الذي من الممكن ان يتوارد إلينا الآن ماذا فعلت مختلف الحكومات لاحتواء وتمكين الشباب؟
هناك إخفاقات كبيرة وواضحة على مستوى السياسات الهادفة الى تمكين الشباب على مستوى مختلف الدول العربية، فليست لقمة العيش وحدها تعني التمكين، وليس مشروع «الكب الكيك» أيضا يعني التمكين، وليس التوظيف والتعيين في بعض المناصب هنا وهناك تعني التمكين…. وغيرها، فعملية تمكين الشباب تعني انتزاعهم للقدرة والاستطاعة التي تجعلهم قادرين على أخذ حقوقهم ودورهم في قيادة المرحلة، ورسم السياسات التي تناسبهم وتناسب تطلعاتهم وطموحاتهم، انه اقتلاع لافكار تقليدية كلاسيكية عفا عليها الزمن، انها دعوة للتحديث والحداثة والانطلاق بأفكار العصر، لا الماضي الذي قد يكون جميل أو لا يكون، ولكنه في نهاية المطاف أصبح ماضي ومن الذكريات أو في طور النسيان.
ان المتتبع للحالة في وطننا العربي الكبير يجد ان سياسات تمكين الشباب محدودة في إطار معين وضيق جدا، لان تمكين الشباب بالمفهوم السليم يعني سحب الصلاحيات من النخبة الى فئة الشباب التي قد لا تستطيع تلك النخبة ان تورثها لأبنائهم مما سيخلق لدينا معادلة جديدة أبرز أطرافها الشباب بكل أطيافه، فمن هنا يبدأ الصراع والتضييق مما أدى الى تهميش الشباب وضعف إدماجهم في مجتمعاتهم و جعلهم في غبن واغتراب وانعزال عن مجتمعهم، وأصبحوا اكثر استجابة لأي دعوات قد تجعلهم ينتقمون من مجتمعاتهم لأنها افقدتهم ذاتهم وجعلتهم في خانة التهميش الدائم.
ان عدم تمكين الشباب قد يزيد من معدلات الفقر والبطالة والطلاق والعنوسة والعنف وغيرها من مظاهر سلبية.
لقد كان الربيع العربي احد نتائج التضييق على الشباب من خلال سجنه وتهميشه وعدم رعايته وظلمه، مما جعل هؤلاء الشباب يخلقون مجتمعات خاصة بهم وتفاهمات هم اقدر على فهمها دون غيرهم، فلديهم قدرة على رص الصفوف وحشد الجماهير، حتى أتت ساعة الصفر، وانطلقوا ليعلنو مشهدا جديدا للمنطقة بدأ بهروب بن علي، وخلع مبارك، وسحل القذافي، وحرق صالح، ومقاومة بشار حتى اخر رمق.
بدأ الشباب يفكر بترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية والعيش الكريم، والانطلاق نحو التقدم والازدهار ، الا ان الشياب نظموا صفوفهم واخرجوا أدواتهم ليبدأ صراع جديد بين طرفين ، كيف سينتهي الله اعلم.
ولكن اعتقد ان الشباب لن يهدأ لذلك يجب على الحكومات ان تتحاور معهم وتشركهم في القرار، لكي يصبحوا جزء فعال من المعادلة السياسية من اجل مزيد من التنمية والتقدم والازدهار.
ولكن كما يقال
لقد اسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي