نجاتي وصموئيل عاملان من اصل واحد وعشرين مصريا قبطيا، قام «داعش» بقتلهم، وتصوير حزّ رؤوسهم، ومن ثم توزيع الفيلم على العالم أجمع، ليقوم أكثر من مليار بني آدم بصبّ خالص لعناتهم علينا وعلى جهلنا وتخلّفنا ووحشيتنا!
ليس بإمكاني شخصياً ان أفعل شيئا لصموئيل ورفاقه، فقدا لقوا حتفهم بأبشع طريقة، يمكن تصورها، وبتهمة ملفّقة تقول إنهم كانوا يروّجون للدين المسيحي في ليبيا، ذات الخمسة ملايين نسمة، ولا أدري لماذا لم يقوموا بذلك في وطنهم، وفيه سبعون مليون نسمة. هذا، إن صحت التهمة؟!
مات نجاتي ورفاقه، ولم تفقدهم أسرهم كأبناء واخوة وأزواج فقط، بل أيضا كمعيلين. فبعد أن قتلوا بتلك الوحشية أصبحت عوائلهم من غير مصدر رزق، وسيبيتون قريبا بغير كساء ولا طعام، بعد أن ضاع الأمل الأخير في حصولهم على عيشة نصف كريمة، فقد قُتل صموئيل وقتل نجاتي ومرحبا ولوقا وفرج وكيرلس وتواضروس ويوسف، وبقية رفاقهم الأبرياء والمساكين وسيئي الحظ، وكل ذنبهم أنهم ذهبوا الى حر وغبار وشقاء العمل في ليبيا وراء لقمة العيش، ليعودوا جثامين مقطوعة الرؤوس، هذا إن أعيدت أصلا الى أسرهم!
ولكن أليس بإمكاننا القيام بشيء من أجل أسر هؤلاء المساكين؟ ألا نستطيع مسح دموعهم الحرّى، والتخفيف من مشاعر الحقد والكراهية الدينية والطائفية، التي ــ لا شك ــ غلفت نفوسهم بسبب فعلة الجهلة منا؟ ولماذا لا يكون هناك عشرون أو ألف غيري على استعداد لفعل شيء لأسر ضحايا تلك المجزرة المرعبة؟ وبالتالي، أقترح من خلال هذه الزاوية على رئاسة القبس التصدي لهذا العمل الإنساني، من خلال فتح حساب مصرفي خاص لجمع مبلغ، لا يقل عن مليون ونصف المليون دولار، وتسليمه لمصرف مصري يُدار من الكويت، لتقوم إدارته باستثمار المبلغ في شراء سندات خزانة بفائدة عالية توزّع شهريا في حدود خمسة آلاف جنيه شهريا، وإلى الأبد، على ورثة ضحايا مذبحة «داعش». وسأكون والصديق عبدالله القندي، الذي شاركني فكرة هذه المقال من أوائل المتبرّعين لهذا المشروع الإنساني البالغ الأهمية.
إننا بهذا العمل نثبت لــ «داعش» ولغيره أنه ليس في إمكانهم، مهما فعلوا، القضاء على الإنسان الطيب بداخلنا، وان الإنسانية اقوى منهم ومن توحشهم وتخلّف فكرهم.
نتمنى على الجميع المبادرة ومشاركتنا في هذا العمل الخير بأي مبلغ يجودون به.
وسنقوم عبر القبس قريباً جدًّا بنشر معلومات أكثر عن الموضوع، وطريقة التبرُّع ومنافذه.