حبيب الكل، الحكيم، الساخط على المعارضة… يصرخ في “تويتر”، وهو يتناول الشاي في غرفته الدافئة: “معارضة آخر زمن، تعارض تارة، ثم تتابع مباراة برشلونة وريال مدريد تارة، وتتسكع في المقاهي تارات”.
حنانيك أيها الساخط، حنانيك يا حفيد غيفارا، ونسيب مانديلا، حنانيك… هل كنت تتوقع منا أن نقطع فيافي أميركا اللاتينية، خلسة، والبنادق على أكتافنا، لنهاجم ثكنات الجيش، ونقطع خطوط الكهرباء، ونشعل الحرائق في الغابات، ثم، بعد أن يستتب لنا الأمر، نهرع إلى إفريقيا لمساعدة الثوار هناك، كما فعل غيفارا؟
أم كنت تتوقع منا أن نتبع خطى الزير سالم، فنقسم على عدم ملامسة النساء، وأن يترك الواحد منا شعر رأسه يتدلى على كتفيه بلا تهذيب، ونقاطع الغسل بالماء، ونهجر العطورات، قبل أن نثأر لكليب، أو قبل أن نحقق مطالبنا؟
يا عزيزي الدافئ، لسنا أحفاد غيفارا، ولا ورثة الزير، ومع ذا، سنعارض كل ما هو فاسد في بلادنا، ونصرخ في وجه الظلم، ولن نساعد الظلمة، مثلك، ولن نبرر لهم، مثلك، عبر الهجوم على خصومهم، ولن نتذلل، مثلك، أو نغسل الصالة من بعدهم.
وفي الوقت نفسه، سنعيش، بكل ما فينا من حب للحياة، تفاصيل حياتنا، ونتلذذ بما نشتهي ونحب، وسنتابع مباريات برشلونة وريال مدريد وتشلسي وباريس سان جيرمان ودوري أبطال أوروبا بتفاصيله، وسنجلس في المقاهي، ونتناول الحلويات الشرقية مع القهوة، ونلامس نساءنا، ونغتسل بالماء، ونهذب شعرنا، ونقف أمام المرآة للتأكد من أن الجاكيت البيج يناسب القميص الكحلي، الذي يعلو الجينز، ونتعطر، ونلاعب أطفالنا، ونسامر أصدقاءنا، ونرفع ضحكاتنا، ووو…
هكذا هي معارضتنا للفساد، وسنكملها كما بدأناها، ولتكمل أنت تناول الشاي، في غرفتك الدافئة.