ما يحدث مع جريدة الوطن منذ شهر تقريبا نهج عجيب غريب بل هو دخيل على حياتنا وممارستنا السياسية منذ تم العمل بدستور الكويت الصادر بالعام 1962، فحتى أثناء فترات حل مجلس الأمة كانت تعلق بعض مواد الدستور وتضبط الأوضاع على قواعد قانونية عادلة تتوافر فيها العدالة لأفراد المجتمع أفراداً ومؤسسات وشخصيات اعتبارية، وتحفظ فيها الحقوق والاهم تحترم الأحكام القضائية التي هي دائما عنوان الحقيقة وواجبة الاحترام من الكافة وفي مقدمتهم السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
أما اليوم فيفترض ان لدينا دستورا معمولا به وقانونا نحتكم إليه عند خلافاتنا في ظل نصوصه أمام السلطة القضائية، وأحكامها تمضي على الكافة وعلى الكبير والصغير.. فقد قامت السلطة القضائية بإبطال مجلسين نيابيين انتخبهما الشعب في انتخابات حرة، ولكن عندما تجاوزت الحكومة أو أخطأت في الإجراءات وظهر متضرر، أبطل القضاء المجلسين والكل رضي بالأحكام القضائية والجميع رضخ لها والذي لم يرض بها تصدى له المجتمع بكل فئاته يعنفه عندما رفض البعض الأحكام في خطاباتهم.
كما أن القانون كانت الحكومات المتعاقبة تطبقه بمنتهى الرحمة وفي أحيانا كثيرة لا تطبقه عندما تكون هناك اعتراضات عليه تتعلق بالإضرار بجزء ولو صغيرا من المجتمع، حتى ان الكثيرين «وانا منهم» كنا نعيب على الحكومات هذا النهج.. كان هذا حالنا في وطننا الكويت في سالف الأيام.
أما اليوم ومنذ شهر ونحن نشاهد ممارسات غريبة بل هي دخيلة على ما عودتنا حكومات الكويت المتعاقبة منذ العمل بالدستور.. فقد قامت الحكومة باستخدام سلطاتها القانونية التي خولها لها الدستور بتعسف لم نر له مثيلا تجاه جريدة الوطن، وبشكل تفيض منه رغبة جامحة للإضرار والانتقام، ومع ذلك امتثلت الوطن وخضعت لأحكام القانون بالرغم مما تتكبده من خسائر مادية ومعنوية، وسلكت المسلك القانوني وذهبت تتظلم أمام القضاء وبعد أيام طويلة صدرت لها أحكام قضائية، أبرزها حكم محكمة الاستئناف الذي رفض أشكال الحكومة وقرر الحكم بوقف إجراءات وقرارات الحكومة المتخذة بحق الوطن لحين الفصل في القضية الأصلية، حكما مشمولا بالنفاذ المعجل ودون إعلان، وتوقع الجميع أن تخضع الحكومة لحكم القضاء إلا أنها وفي سابقة خطيرة رفضت حكم القضاء، وقررت المضي في غيها تجاه الوطن إلى أن جاء مساء يوم الأحد الماضي فأتى موظفو وزارة الإعلام حاملين قرارا موقعا من الوكيلة المساعدة بوزارة الإعلام يقضي بإغلاق مطبعة جريدة الوطن ومعها قوة من الشرطة لتنفيذ قرار وزارة الإعلام بالقوة الجبرية وبما يناقض بل ويلغي حكما قضائيا صادرا من محكمة الاستئناف ليعطله أو بالأحرى يتمرد عليه وعلى القضاء الكويتي الشامخ؟
والحقيقة أنني أعيش ومنذ أيام «واعتقد انه معي الكثيرون» في حالة ذهول مما تقوم به الحكومة من تصرفات مملوءة بالتشظي والقتال من أجل إيقاع اشد الضرر بمن ينتقدها ويخالفها الرأي..
وتذكرت حكوماتنا السابقة بجميع رئاساتها المختلفة التي كانت تتمتع بالحلم وسعة الصدر الذي يزيد ويتوسع خصوصا مع المخالفين بل وتتيح لهم المجال واسعا ليعبروا عن رأيهم الذي يرتكز على نقد الحكومات، فما الذي جرى اليوم وماالذي اختلف..؟ لنرى هذا القمع والانتقام والقتال من أجل إيقاع اشد الضرر بالمخالفين..وهل سيكون هذا حال وطننا في القادم من الأيام؟ وهل سيقبل عقلاء الكويت وكبارها استمرار هذه الممارسات بحق من يخالف الحكومة..؟ وهل من تحرك لإنقاذ الحقوق والعدالة واحترام الأحكام القضائية..؟ وهل سيكون حال الكويتيين أفرادا ومؤسسات وأشخاصا اعتباريين كحال جريدة الوطن بالمستقبل القريب والبعيد..وهل من مدكر..؟
آخر مقالات الكاتب:
- قوافل اللاجئين صنيعة الغرب وعليه حلها
- روسيا ستنجز ما عجزت عنه أميركا..
- غداً ذكرى عزيزة للكويت وأهلها..
- بعد التجميد.. الحكومة تصفي الأوفست؟!
- روسيا.. الذهاب إليها متأخراً خير أيضاً
- «حماس» شرطي إسرائيل في غزة
- العبادي بدعم الشعب سيسحق الفساد
- سلمت عين الأمن الساهرة
- فزعة العراقيين على الفساد والفاسدين..
- إجرام الطالح علي عبدالله صالح