لو تابعنا اهتماماتنا السياسية على مدى العقود الماضية، فسنجد انها كانت ولا تزال معنية بالشؤون والشجون الخارجية، اكثر من عنايتها او حتى متابعتها لشؤوننا ومشاكلنا الداخلية.
في البداية كانت قضية فلسطين، تحرير فلسطين ثم المقاومة، وبعدها الانتفاضة وبعد الانتفاضة حماس وغزة. وكان لكوبا وفيتنام ونيكاراغوا حظ في الستينات والسبعينات. وفي الثمانين، وبعد المد الديني، انشغل الساسة وتابعوهم من العرب المسلمين بافغانستان او الشيشان.
كانت الحرب الباردة بين الشرق والغرب، او بين السوفيت والاميركان، هي المهيمنة على العقل والاهتمام العربي. بعد انتهائها او «تجميدها» لمصلحة الولايات المتحدة، هيمن القيظ او «الربيع العربي» على الوضع السياسي هنا. وانشغل الجمع باحداث تونس ومصر وسوريا واليمن.
حاليا الجموع السياسية او الاهتمام بالشؤون العامة منصب على الارهاب. ربطه عنوة بالغرب او تبرير ارتكابه من قبل «المجاهدين» المسلمين.
ويبقى وضعنا الداخلي منسيا. مشاكلنا وهمومنا مغيبة او مركونة الى حين. وحينها في الواقع الى الابد. لقد كان هناك اهتمام، ليس موفقا بها، ارتبط كما هو واضح او تزامن مع ما عرف بالربيع العربي. ولكن كان هذا الاهتمام سلبيا وفي الواقع استمرارا لحالة الهروب او التجاهل لوضعنا ومشاكلنا المحلية عبر الانشغال بالقتال الوهمي والحروب «الدونكوشيتية» مع ما اختلق من قضايا.
اعتقد اننا بحاجة الى «تايم اوت». ومدعوون وخصوصا بعد الازمة النفطية الحالية – التي يبدو ان قضايا الارهاب غطت عليها بسهولة -، مدعوون الى اهتمام حقيقي بأوضاعنا الداخلية. والى مناقشات وحتى خلافات وحروب داخلية لحل هذه المشاكل والازمات. بدلا من استمرار ومواصلة «حالة الهروب» التي نجحنا في تبنيها طوال السنوات السابقة لتجاهل اوضاعنا المحلية.
لدينا قضايا وأزمات حقيقية. من المفروض ان نشغل انفسنا بها، وان نجاهد لوضع الحلول لها. لكن كما يبدو. فان صعوبة الوضع، او بالاحرى عجزنا السياسي وربما حتى الفني والفكري يدفع بنا وبساستنا قبلنا الى الهروب الى المشاكل الخارجية. وفرض مشاكل اليمن او مصر او تونس او حتى «الواق واق» على اهتمامات الناس.