حسب ما نشر في صحفنا، فان الهيئة العامة للزراعة تدرس «منع الوافدين والشركات التجارية من دخول المزادات العلنية للاسماك والروبيان التي تقام يومياً في أسواق «المباركية» و«الفحيحيل» و«شرق». اي ان يقتصر دخول هذه الاسواق على «المحظوظين» الكويتيين فقط. والهدف بالطبع، وكما اعلنت الهيئة، هو توفير الاسماك باسعار مناسبة للمواطنين.
هذا مقترح جنوني، يفتقر الى الانسانية، ومبني مع الاسف على تسلط التعالي، واضطهاد الغير لدينا. وهو الى جانب معاداته للحقوق الانسانية ومخالفته لنظام البلد الديموقراطي القائم على المساواة العامة بين كل الناس، وافدين ومواطنين، فهو ايضا غير عملي وغير اقتصادي، ويتعدى كثيرا الصلاحيات التي لهيئة الزراعة.
لا اعلم تماما ما هي صلاحيات وادوار الهيئة. لكن اعلم ان هذا القرار يتعلق بمعاش وسلوك العامة من الناس، وهذا يتطلب «قانونا» يقره مجلس الامة، ويصدق عليه الامير، لأنه ينظم شؤون الناس العامة، ويحدد مالهم وما عليهم. وامر مثل هذا يتعدى صلاحيات ليس هيئة الزراعة فقط، بل حكومتها العتيدة. إذ لا بد لقرار كهذا وحتى ينفذ ان يصدر بقانون يلزم بقية مؤسسات الدولة بتنفيذه، ويفرض على المقيمين في البلد الخضوع له. هيئة الزراعة لا تملك حق التشريع للناس، ولا تملك القدرة ولا الادوات التي بموجبها سيتيسر لها تطبيق القرار «القانون».
لا اعلم كيف يفكر بعض الناس، لكن من الواضح ان البعض لا يفكر بعقل او بروية. توفير الاسماك للمواطنين يعني زيادة انتاجها والاكثار من محاصيلها، ولا يعني على الاطلاق حرمان الغير منها من اجل توفيرها للمحظوظ من الكويتيين. ومن يدري فعلى ذات المنوال قد تصدر الهيئة قرارا في المستقبل القريب يحظر على الكويتيين جنسية ثانية شراء الاسماك بهدف توفيرها لمحظوظي الدرجة الاولى! هذه ليست نكتة على الاطلاق، فالذي يفكر بحرمان الوافد لمصلحة المواطن الكويتي قد يفكر غدا بحرمان قسم من المواطنين لمصلحة من يفضلهم عليهم.
القرار ايضا فيه غباء تجاري. فالوافد من المفروض ان يساهم تجاريا في حركة السوق. وحرمانه من انفاق بعض من دخله على ضرورات اساسية كالاكل يعني تشجيعه على ترحيل كل دخله، وليس مدخراته فقط للخارج، وبالتالي حرمان السوق الكويتي منها.