لا أظن أن الوقت متأخّر لما يحدث في صنعاء، فالأوراق لا تزال بيد دول مجلس التعاون الخليجي، بالتعاون مع مصر وأميركا، وربما تركيا. فعلى الرغم من تسارع السيطرة المسلحة للحوثيين على صنعاء بترتيبات وتخطيط وتدخل إيراني كامل، فإنها سيطرة مؤقتة وهشّة، وهي سيطرة غير شرعية لافتقادها مقومات الثورة الشعبية الكاملة التي تبرر التغيير، ولكونها تشكّل تمرّداً انقلابياً لفصيل مسلح، لا أثر قانوناً ولا سياسياً وفقاً لقواعد القانون الدولي لما يصدره من بيانات. وعليه، فبيان حله للبرلمان لا أثر له تماماً مثل تشكيل مجلس رئاسي مؤقت، فالبرلمان قائم، ورئيس الدولة قائم، ورئيس الحكومة قائم، ولأي منهم طلب التدخّل رسمياً وشرعياً من قبل أي دولة أخرى، للمعاونة في إعادة سيطرة الشرعية، وإنهاء التمرد الحوثي الذي هو بتدخّلات إيرانية مؤكدة.
إذاً، لدول مجلس التعاون الخليجي تحديداً، السند للتدخل المباشر في اليمن، استناداً إلى أحد المبررات القانونية الثلاثة الآتية في القانون الدولي، الذي يمنحها الأحقية في ذلك: إما بناء على طلب السلطات الشرعية القائمة (الرئيس، أو رئيس الحكومة أو البرلمان أو رئيسه)، وإما عملاً بمبدأ تهديد الأمن الإقليمي لدول الجزيرة العربية التي تأتي منظومة مجلس التعاون الخليجي في مركز عمقها الطبيعي، مما يعطيها كمنظمة دولية أحقية التحرك والتدخل، بل يلقي عليها مسؤولية القيام بذلك لحفظ الأمن الإقليمي، وإما أخيراً عملاً بمبدأ حفظ الأمن والاستقرار للتهديدات التي تتعرض إليها أي من الدول الأعضاء في مجلس التعاون، وهو ما ينطبق مباشرة على 3 دول منها، وغير مباشر على بقية دول مجلس التعاون.
وفي ضوء الإدانات الدولية لما يقوم به الحوثيون في اليمن، لكونهم فصيلاً مسلحاً يحاول فرض سيطرة بالقوة وبأبعاد طائفية ستقود اليمن إلى حالة اقتتال، وربما حرب أهلية وعدم استقرار، يصبح قيام مجلس التعاون الخليجي بدوره في التدخل مطلباً ملحاً من جميع الجوانب القانونية والشرعية والأخلاقية، بل والسياسية، ومن ثم لا بد من حسم ذلك بتحرك فوري سريع ومباشر، تأكيداً لكل ذلك.
ولا أظن أن الوقت متأخّر للقيام بهذه المسؤولية الدولية والإقليمية ضمن إطار حسن الجوار والحفاظ على استقراره. والمسألة لم تعد تحتاج إلى التفكير، لأن ما سيتم تداركه هو الحفاظ على شرعية الدولة اليمنية (في إطار الجامعة العربية، والدفاع العربي المشترك)، والحفاظ على ابعادها عن حرب داخلية راجحة، وأخيراً الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، ولا مجال للتأخر في مثل هذه الخطوة، لأن بوادر أخطارها صارت وشيكة، ومنعها بإجراءات احترازية استباقية صار قائماً ومبرراً، وهو ما يضع مجلس التعاون الخليجي أمام مسؤولياته القانونية والسياسية للمبادرة إلى ذلك، ويمنح مصر والأردن وأي دولة عربية أحقية ذلك، استناداً إلى ميثاق الجامعة العربية واتفاقياته، فهلا رأينا تحرُّكاً سريعاً على أرض الواقع يعيد الأمور إلى نصابها؟!
اللهم إني بلغت.