عندما تقرأ أو تسمع إعلانا يدعوك للمشاركة في دورة ديتوكس تتخلص فيها من السموم والمواد الكيماوية والإضافات الصناعية التي في جسدك نتيجة ما نتناوله من طعام، أو تأتيك دعوة للحصول على بشرة نضرة وشعر لماع، والتخلص من الوزن الزائد والشعور بـ«النظافة» من الداخل، ولكي نستعيد نشاطنا ونتخلص من الفضلات المترسبة في الأمعاء، وايضا عندما نقرأ عن كمادات توضع أسفل القدم تمتص سموم الجسم، أو شراب صحي يقلل الوزن ويساعد على التخلص من الفضلات، وغير ذلك من ادعاءات ومبالغات.. فاعلم أنك تتعرض لعملية نصب واحتيال، فليس في الأمر شيء من ذلك، وزيارة أغلى المصحات في سويسرا والمانيا واسبانيا ليست إلا مضيعة للمال والوقت، فقد بينت دراسات طبية حديثة أن المسألة لا تعدو أن تكون سرقة مغلفة بالحرير، كنت شخصيا ضحيتها مرتين، على مدى 20 عاما، حدث ذلك على الرغم من عدم اقتناعي أصلا بالديتوكس، فكيف بالمؤمنين به! فليس من السهل مقاومة حلم الحصول على جسم صحي من خلال عملية تنظيف داخلية، فما يصرف على مثل هذه العمليات يبلغ سنويا عشرات مليارات الدولارات.
يقول د. Edzard Ernst بروفيسور الطب المكمل في جامعة اكستر، إن هناك نوعين من الديتوكس؛ ضروري، وهو الخاص بالمعرضين للموت نتيجة الإدمان على الكحول أو المخدرات، وهؤلاء بحاجة للتخلص من سمومها، والنوع الآخر هو عملية احتيال واضحة، بحجة التخلص من السموم التي تجمعت في الجسم نتيجة ممارسة عادات أكل وشرب خاطئة. ويقول ان الجسم السليم لديه الكليتان والكبد والجلد والرئتان وجميعها تقوم بعملية التخلص من السموم حتى وأنت تقرأ هذا المقال، وليس هناك من طريقة معروفة لجعل عضو ما يعمل بشكل جيد لأن يعمل بشكل أكثر جودة. والدليل على خداع عملية الديتوكس أن لا أحد يتكلم عن أسماء أو أنواع السموم التي يساعد الديتوكس على التخلص منها. كما لم يقم أحد بقياس كمية السموم في الجسم قبل الديتوكس وبعده. وليس هناك شك فيما يدعيه البعض من أنهم فقدوا شيئا من وزنهم أثناء الديتوكس، ولكن هذا حدث بشكل عارض نتيجة الصوم عن الطعام، وليس بسبب عملية الديتوكس نفسها. كما أن تكرار إدخال أنابيب في الجسم بين الفترة والأخرى، لضخ سوائل التنظيف في القولون بغية التخلص من السموم أو الفضلات العالقة في زواياه، يؤثر سلبا في المسالك البولية، ولا فائدة اصلا منه، فليس في الجسم ما يدعيه هؤلاء من سموم قاتلة أو حتى مضرة. فهذه إن وجدت فستتكون ثانية مع اول وجبة طعام بعد الديتوكس. كما أن ما يعتقده المدمنون على الشراب من أن الديتوكس يساعدهم في التخلص من سمومها وإراحة الكبد هو وهم، فالتوقف عن تناول الكحول يساعد فقط الجادين في إعادة النظر في عادتهم السيئة، وليس في تنظيف الكبد أبدا.