أعرف هذا الاسم جيداً، بحكم سنوات الدراسة الست التي قضيتها في مصر. وأعرف جيداً، كما أظن، المستوى المعيشي لأهلها. أما الحجة التي أطلقها بعض «أنصار البيادة»؛ «شمعنى المطرية هي اللي ثارت بالشكل ده مش المهندسين ولا مصر الجديدة ولا أي منطقة من المناطق (المرتاحة)؟»، ثم تكرموا بالرد على أنفسهم: «لأن المطرية منطقة البلطجية، والمستوى التعليمي البسيط، والمعيشي المنخفض»!
وتُعلق إحدى راقصات الانقلاب بدهشة، وبكثير من القرف: «دول ناس مش بيهتموا بالحياة والموت، الحياة عندهم رخيصة، بيبيعوها بثلاثمائة جنيه». باعتبار أن هناك شائعة تقول إن الإخوان المسلمين يصرفون ثلاثمائة جنيه لكل من يشارك في مظاهرة.
وبعيداً عن الشائعات التي ازدحم بها فضاء مصر.. القصة كلها مجرد بحث عن أعذار، لتبرير ثورة الناس وشيطنتها، وخوف من «الانقلاب على الانقلاب»، وتغير الموازين، وعودة الديمقراطية ورأي الشعب.
أما قيمة الحياة، فلن تجد كائناً حيا، بدءاً من الإنسان إلى أصغر حشرة، يستهتر بحياته. ولو أنك أعطيت حشرة ثلاثمائة جنيه، لرمتها في وجهك، وصرخت: «الحياة حلوة». لكن ثمة لحظات تتساوى فيها الأمور، وترخص قيمة الحياة إلى أقل من ربع جنيه، فيندفع الناس، ويعلو صراخهم، تحت صدمة الجبناء وعُباد البيادة.
إذا تحولت فوهات المدافع إلى الشعب بدلاً من العدو، وإذا تحول القضاء إلى خلخال تلبسه الراقصة على المسرح، وتحول رجال الشرطة إلى جلاوزة يستعدون الناس، ويستمتعون بإذلالهم، وأصبح الإعلام المصدر الرئيسي للكذب، والداعي لتبديل الأديان، من عبادة رب الأرباب، إلى عبادة قادة الإنقلاب…
عندها، وعندها فقط، سترخص قيمة الحياة، وتتصدر الصدور الحرة صفوف الثورة، وتتساقط جثث الثوار إلى الأعلى، وتزغرط المدن الحرة، وتبرز المطرية، وتمسك بالطباشير، وتُكمل الجملة: «الحياة حلوة.. إن كان للإنسان فيها قيمة».