تبدأ اليوم الأربعاء ٢٨ يناير، بين الساعة الثانية والسادسة بتوقيت جنيف، جلسة «المراجعة الدورية الشاملة» لسجل حقوق الإنسان بالكويت، يليها اعتماد التقرير يوم الجمعة ٣٠ يناير، في إطار مجلس حقوق الإنسان الذي تأسس سنة ٢٠٠٦. كنت حاضراً تلك المداولات التي أنجبت المجلس حينذاك، والتي مثلت إنجازاً مهماً على الرغم من الكثير من جوانب الضعف فيه.
وعندما وافقت حكومات العالم على تأسيس مجلس حقوق الإنسان وعلى إجراءاته وآلياته، كانت في واقع الأمر تتنازل عن شيء من سيادتها، وتسمح بالتدخل في شؤونها الداخلية، من دول أخرى ومنظمات دولية غير حكومية بتوجيه الأسئلة إليها حول معاملتها للبشر داخل حدودها، بل وقبول توصيات الإصلاح لشؤونها الداخلية من جهات خارجية، والتعهد بتنفيذ تلك التوصيات. وبالتالي لم يعد التذرع بالسيادة مبرراً لعدم احترام حقوق الإنسان.
إذاً الكويت هنا ليست استثناء، فكل دول الأمم المتحدة تتم مساءلتها، كبيرة كانت أو صغيرة، حيث يتم تقسيم الدول على مجموعات من ١٢ دولة، وكل ثلاثة أشهر تقريباً تتم مراجعة سجلات مجموعة على مدى أربع سنوات، ففي نفس فترة مراجعة سجل الكويت، هناك استعراض ١١ دولة أخرى، وهي قيرغزستان، وكيرباتي، وغينيا، ولاوس، وإسبانيا، وليسوتو، وكينيا، وأرمينيا، وغينيا بيساو، والسويد، وجرانادا، وتركيا، وغايانا.
هذه هي الدورة الثانية بالنسبة إلى الكويت، وقد تقدمت الدول بأكثر من ١٠٠ توصية قبلت الكويت الأغلبية الساحقة منها، ومع ذلك لم تنفذ العديد مما تعهدت به، كقضية البدون، وإنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وحل معضلة العمالة المنزلية، على سبيل المثال لا الحصر، ومن المتوقع إضافة ملفات أخرى كسحب الجنسيات لدوافع سياسية، وتراجع سجل حرية التعبير.
وبمقارنة التقرير الذي قدمته الكويت لمجلس حقوق الإنسان هذه المرة بالتقرير الذي قدمته قبل ٤ سنوات، نلاحظ تحسناً من حيث الشكل، كما نلاحظ أيضاً تقدماً في تقديم التقارير الدورية الملتزمة بها الدولة تجاه الاتفاقيات الدولية، ومع التقدير للجهد المبذول في إعداد التقرير، إلا أن الأمر يتجاوز الجانب الشكلي.
فالكويت تكسب كثيراً عند احترامها لحقوق الإنسان. وإنه حتى لو انتقص عرض المسائل الحقوقية الداخلية من سمعة البلد بالخارج، وهي سمعة نحتاج إليها، لا لنتباهى بها، ولكن لتتباهى هي بنا فعلاً لا قولاً، فأفعالنا هي رسلنا، لا مزاعمنا بفعل شيء وتقصيرنا بأشياء.
يأخذ الحفاظ على الأمن الوطني مستويات عدة، منها الأمني والسياسي والاقتصادي والدبلوماسي والاجتماعي، وفي ظني، ولست مبالغاً هنا، أن احترام حقوق الإنسان، هو أحد أبرز أفعال الدفاع عن الأمن الوطني، فإن أدركنا ذلك ونفذناه فلن نخشى حينئذ استعراضاً دورياً أو منظمات دولية.