المتابع للإجراءات الحكومية لمواجهة انخفاض اسعار النفط والعجز الواقعي الذي بدأ يظهر في الميزانية، المتابع يلاحظ هنا ان الاجراءات الحكومية منصبة حتى الآن على التقتير والترشيد في الخدمات الحكومية، بالاضافة الى النشاط المتواصل لتصحيح اسعار بعض السلع والخدمات.
ليس هناك اعتراض على هذه الاجراءات. فهي في النهاية مصدر هدر واعباء حقيقية على الميزانية. لكن الاعتراض هنا على اعتمادها وحدها كاجراءات تعتقد الحكومة انها فعالة لمواجهة ازمة انخفاض اسعار النفط والعجز المالي الذي بدأت تواجهه ميزانية الدولة. هذه الاجراءات وحدها ليست الحل، لانها تعنى بالحد من الاسراف او التقليص الفعلي لخدمات ضرورية. هذا الحد او التقليص يدفع ثمنه المواطن، الذي قد يكون في الواقع ضحية غير عملية او حتى ضرورية لهذا التقليص والتقتير.
ان خفض معدلات استهلاك المواطنين او جني بضعة دنانير من رفع اسعار بعض الخدمات رغم اهميته وضرورته ليس الحل الحقيقي. فالحل الحقيقي يكمن في ايجاد مصادر «رديفة» لدخل النفط. تنويع مصادر الدخل الوطني هو الحل الذي يجب ان تبحث عنه الحكومة. صحيح انه حل طويل الامد وبحاجة الى وقت وجهد وحتى استثمار في وضع مالي صعب. لكنه مع هذا يبقى الحل الحقيقي والدائم.
الحل المرادف الآخر، الذي قد يكون افضل واسرع، لكنه بالتأكيد ليس الاسهل، هو دفع المواطن الكويتي للعمل، واستثمار طاقاته وجهده في ما ينفع، وليس كما يحدث الان في تبديد الثروة وفي مزيد من الاستهلاك غير الضروري الذي يفرضه الملل ووقت الفراغ الكبير.
ان مشكلتنا الاساسية تكمن في اعتمادنا على النفط كمصدر دخل وحيد. لهذا لا بد من ايجاد مصادر بديلة او مرادفة للدخل. والجزء الثاني اننا ننفق كثيرا من دخلنا على توظيف الوافدين بسبب تعفف او عدم رغبة المواطن الكويتي في العمل. هذا الانفاق ليس من قبل الدولة فقط، بل ان المواطن نفسه ينفق اكثر من ثلث دخله في بعض الاحيان على توظيف الطباخين والسواقين وخدم المنازل.
ايجاد مصادر بديلة او مرادفة لدخل النفط والترشيد والتوفير الحقيقي بدفع المواطن للعمل هي الحلول الحقيقية والدائمة لأزمة العجز المالي الذي بدأنا بمعاناته الحقيقية هذه الايام.