يذكر أن رجلا بسيطا لا يملك من متاع الدنيا إلا منزلا كبيرا في بداية الستينيات من القرن الماضي، وبدأت الدولة آنذاك بسياسة (التثمين) وهو نزع الملكية مقابل تعويض مالي كبير ومنزل جديد، وحصل الرجل على أموال كثيرة تعد ثروة في ذلك الزمان.
كما حصل لرجلنا حصل مع آخرين – ولكن اختلف التدبير فقط – فصاحبنا وضع أمواله في البنك بينما الآخرون استثمروها بالعقار ومارسوا التجارة بتلك الأموال في قطاعات متنوعة وازدادت ثرواتهم كثيرا لأنهم استفادوا من الطفرة الاقتصادية الكبيرة التي كانت تمر بها الكويت.
في النهاية مرت عقود من الزمن – أغلبية من تم الثمين لهم أصبحوا من أغنياء المجتمع والقلة لم تغتن ولكنها على الأقل عاشت سنين في بحبوحة واستمتعت بما رزقت به.
إلا صاحبنا مازال يعيش في بيته الذي منحته له الدولة منذ عقود والذي أصبح قديما جدا وغير صالح للسكن، ومازال يحتفظ بأموال التثمين في البنك والتي كانت تقدر بثروة ومع مرور الوقت والتضخم لم تعد كذلك.
هذا الملياردير البخيل يذكرني بسياسة حكومتنا، فعلى مر السنين لم تستفد من مداخيل النفط إلا بالحد الأدنى، كل مرافق الدولة تعود للستينيات وآخرها يعود للثمانينيات.
تتباهى الحكومة بصندوق الاستثمارات العامة واحتياط الأجيال القادمة، وكأنها ستوزع عليهم الأموال في المستقبل.
الأجيال القادمة بحاجة إلى مدن جديدة وجامعات جديدة وفرص عمل جديدة، كان من الأجدى للحكومة أن تسعى لتوفيرها لهم وليس تجميع الأموال في صناديق معرض لخطر (التضخم -واللصوص).
ما كان سيفعله (مليار) في ثمانينيات القرن الماضي لا يفعله (10 مليارات) في الوقت الحالي.
فأين التوفير وأين الاستثمار وأين الحكمة في ذلك؟
دول الخليج أولاها الإمارات نهضت في أواخر الثمانينيات وأصبحت في مصاف الدول المتقدمة في كل شيء – وأخرها دولة قطر التي بدأت نهضتها في منتصف التسعينيات وفي غضون عشر سنوات من العمل الجاد، أصبحت من أوائل الدول في دخل الفرد ومن حيث التنمية والعمران.
بينما لا نزال نحن في الكويت نعيش في نفس أزماتنا، ونوفر دنانيرنا في صناديقنا ونعتمد سياسة التقشف أو سياسة الملياردير البخيل المذكورة قصته أعلاه.