أعترف بأنني استخدمت ذلك المصطلح من جيبي… «عار البلد»، في مقال سابق تحدثت فيه بكل صراحة عن أطراف التأزيم في البلد وأتباعهم والمطبلين والمصفقين لهم، فذلك العار، الذي لا يشرف في أي بلد في العالم لا حكومات ولا سلطات ولا يحزنون، يرقص حاملوه دائماً كلما رأوا مرحلة تأزيم جديدة تعصف بالبلاد. ولعل من المهم أن نقول للحكومة ولكل من يعنيهم الأمر ويعون المخاطر: أصحاب تلك النفسية لا يشرفون أحداً ولا حتى الأباليس.
ولنتحدث بصراحة، يعلم ولاة الأمر والمسئولون وأبناء العوائل الحاكمة بل وحتى أبناء الأباطرة والرؤساء، من هو المنافق اللاهث وراء مصالحه الشخصية وجيوبه الذي يتاجر بحب الوطن والولاء للقيادة برياء زائف، ومن هو العنصر الوطني المخلص الذي، ربما يكون صاحب لسان طويل وطبع مشاكس وعنيد، لكنه شديد الإخلاص للوطن ولأهله، مهما توالت التهم والافتراءات وأقيمت حفلات الزار فرحاً باتهامه وتشويه صورته بالعبارات التي لم يعد لها مكان إلا في عقول وعلى ألسنة جماعة «عار البلد».
الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان موقوف على ذمة التحقيق.. خير إن شاء الله! فكل صاحب عقل يدرك أن الشيخ علي سلمان شخصية وطنية معارضة ذات موقع وتأثير في الساحة الداخلية، لكن أن يتشفى جماعة العار والاتهامات والطائفية وأهل الشتائم القبيحة من شخصية وطنية، اختلفت أو اتفقت معها، ليصل الحال إلى تشغيل شبكات الكترونية في الخليج والعالم العربي والإسلامي للنيل حتى من أسرته! أعتقد أن في ذلك دليلٌ على أنه لو اجتمعت فلول «عار البلد» ما كانت لتصل إلى نصف صدقه وإخلاصه للوطن، مهما كان الخلاف العقائدي والسياسي بينه وبين مناوئيه.
وللتذكير، فإن تلك الجماعة (جماعة عار البلد) التي لا تشرف لا البلد ولا الحكومة ولا السلطات، يمكن أيضاً أن نضم معها أولئك الذين انتشروا إلكترونياً عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي الحديث، بما فيهم من عور وعمى وقلوب شوهاء، ليستهدفوا أعراض الناس وحرماتهم، وخصوصاً الناشطين من سياسيين وحقوقيين وإعلاميين، مع أنه سبقتهما الكثير من ممارسات العار لاستهداف المخالفين، إلا أن جماعة «عار البلد» لا وطنية صادقة لهم، وهم ينشطون لفقدانهم القيم الدينية، ولإفلاسهم فكرياً وثقافياً واجتماعياً، وسقوطهم أخلاقياً.
هنا، في بلادنا العزيزة الغالية الصغيرة المساحة، والواضحة «التأزيم» سياسياً… خصوصاً مع نشاط مطلبي شديد متجدد – شئناً أم أبينا – لا يمكن من وجهة نظري الوصول إلى حل للأزمة إلا من خلال اتجاهين: الأول، وهو الرئيس المطلق الأصح: أن يكون الحوار بين السلطة والمعارضة «المعارضة ولا أحد غيرها»، والمسار الآخر، هو تصحيح العلاقة مع أي مكون من مكونات الشعب تعرض للظلم عبر تفعيل منهج الإنصاف والمصالحة، وتلك بلا ريب تشمل تطبيق توصيات البروفيسور محمود شريف بسيوني، ليس بمساءلة ومحاسبة وتوقيع العقوبات على من تجاوز القوانين وانتهك الحقوق وأغرق الوطن في الطائفية ومحاكم التفتيش والازدراء وتشجيع الصدام الطائفي ولي يد القانون… بل يشمل كل من أضرّ بالوطن… فليس كافياً أن نقول بأن هذا خائن، وذاك إيراني، وهؤلاء يقتلون الشرطة، وأولئك يصنعون القنابل والدمار… القصاص القصاص… نعم، كل ذلك يجب أن يجرى على فاعل حقيقي، لا على مواطن بريء كتب اعترافه بنجيع دمه تعذيباً!
وربما كان من بين هذا المسار، حوار عام توافقي «للنظر في الأجواء التي سيحققها حوار السلطة والمعارضة» تماماً كما كان ومضى على غرار حوار التوافق الوطني في صيغته التي رأيناها (ملتقى أو منتدى لا أكثر ولا أقل)، على أن تكون الأهداف بالدرجة الأولى لدى السلطة والمعارضة، هي الاحتكام لمبادئ سمو ولي العهد السبعة، باعتبارها الخيار المتاح والأسلم لإنقاذ البلد، تيسيراً للجهد والوقت، وتحقيقاً للفائدة وإصابتها إصابة تامة.
يا جماعة، حكومة ومسئولين، معارضة وموالاة، إعلاماً وطنياً وإعلام سيئاً، يا ناس، لا يمكن الإستهانة بالأوضاع والمخاطر الأقليمية ونحول المجتمع البحريني الرائد في مجالات العلم والثقافة والفكر إلى مجتمع يستلذ بالصدام الطائفي والتفاهات. ولا يمكن أن يغيب عن الساحة شخصيات بحرينية من مفكرين ووجهاء ورجال أعمال ورجال فكر ونتركها لجماعة «عار البلد». لذا، أن تمارس حقاً من حقوقك المشروعة في التعبير عن رأيك بالوسائل التي كفلها الدستور، وتطالب بحقوقك متجاوزاً سياج الخيانة والارتباط بالخارج، لا يعد خيانة عظمى إلا في عقول عشاق التدمير والطائفية والتمييز والتأزيم ودولة «اللاقانون»، فيبقون مجرد راقصين على آلام الوطن، وبهذا هم من يسير إلى السقوط.
سؤال في آخر المقال: بكل صراحة: إذا كنتم لا تريدون كلام الحق وصوت الإخلاص للوطن الطيب وللمواطن الكريم، فلماذا تحبون المنافق والمطبل؟ الله أعلم.