مصطلح Cheap أو رخيص هو ما يستخدم عادة عندما نصف سلوكاً أو أسلوباً أو تصرفاً معيناً لا يتسم بالحد الأدنى من الذوق أو الأخلاق، وهو أقل ما يمكن أن توصف به الحالة التي يعيشها بعض الأطفال في الكويت اليوم. فأن توصي الدولة، بمؤسساتها المعنية، بمنع ما يفوق 500 طفل لا يتجاوز عمر كل منهم السنوات العشر، من الدراسة في أي مؤسسة تعليمية حكومية أو خاصة، وأكرر خاصة، بحجة تصحيح أوضاع "البدون" لا يمكن وصفه إلا بأنه سلوك رخيص، بل إن رخيص مفردة رومانسية ورقيقة جداً لوصف تلك الحالة. فمنذ متى كانت الكويت تستخدم الأطفال وسيلةً للضغط على الآباء؟ وكيف لدولة نالت مؤخراً لقب المركز الإنساني من الأمم المتحدة أن تعتدي على أبسط حقوق طفل يعيش على أراضيها بهذا الشكل القبيح، بحجة أن والديه أو أحدهما، لم يستوفِ شروط الإقامة في هذا البلد؟! فإن سلّمنا جدلاً، أو واقعاً، بأن ذوي هؤلاء الأطفال يقيمون بالكويت بصفة غير قانونية، بل بأنهم مجرمون يستحقون السجن أيضاً، فبأي ذنب يُحرَم هؤلاء الأطفال الذين لا ناقة لهم في جريمة ذويهم ولا جمل؟ وما علاقة حرمان الأطفال من التعليم، في عصر بات فيه التعليم يعادل أهمية الغذاء، بخطأ الآباء؟ قد يقول قائل: إن التعرض للأطفال هو ما سيضمن تصحيح أوضاع الآباء، وبالتالي الوصول إلى الغاية التي تسعى لها الكويت، وهنا أتساءل: منذ متى كنا في الكويت بهذا المستوى المنحدر من الأخلاق؟! فوسائل الضغط التي يمكن أن نستخدمها للوصول إلى الغاية كثيرة كتعذيب الآباء جسدياً والاعتداء على النساء أيضاً وحرق منازلهم، وكلها وسائل ستحقق في الغالب الغاية، لكننا لا نستخدمها، لأنها ببساطة ليست من أخلاقنا في شيء ولا نقبل أن تكون. ليست كل وسيلة ضغط مقبولة، ولا كل الطرق متاحة، والتعرض للأطفال في تعليمهم يعادل في سوئه الاعتداء على النساء أو التعذيب الجسدي غير المقبول، بل لو افترضنا، بعد هذا العقاب غير السوي، أننا اكتشفنا أن 5% من هؤلاء الأطفال، بعد التحقق والتقصي، ثبت أنهم كويتيون أو مستحقون للجنسية، أو على الأقل مقيمون بصفة قانونية في الكويت، وهو ما يعني أن 25 طفلاً على الأقل حرموا تعليماً مستحقاً، حسب رأي الجهات المعنية بالدولة، فمن سيتحمل حينئذٍ عرقلة حقهم الأساسي في التعليم، ألن تمر عقوبة الأطفال بلا حساب لمن حرمهم كما حدث في ملف الجنسية الذي يعاقَب فيه المزور ويُغضُّ النظر عن الذي مرر التزوير من الأساس. إن الأساس في الكويت الإنسانية فعلياً، وهو ما يتضح في التعاطي مع مجهولي النسب بدور الرعاية، حيث يحظون بالتعليم والرعاية والجنسية بكل امتيازاتها، لأنهم، باختصار، لا ذنب لهم في ما اقترفه الآباء، وهو التعاطي الذي يجب أن يكون مع كل طفل دون النظر إلى جرائم ذويه مهما كانت شنيعة، فكفاكم هذا الأسلوب الرخيص في التعاطي مع المشكلة، وأعيدوا إلى الأطفال حقهم في التعليم فوراً. خارج نطاق التغطية: خطوة مميزة جداً إنشاء قناة "المجلس"، على أمل أن تخرج تلك القناة من تقليدية تلفزيون الكويت وأدائها التقني السيئ، كما نتمنى أن تحظى بحرية تقديم الرأي، وخصوصاً المخالف، بدلاً من تقديم الرأي الواحد الذي تنتهجه قنوات تلفزيون الكويت في الغالب.