هناك حرب مستعرة بجانب الحرب الدولية ضد داعش وربما لا تقل ضراوة عنها، إنها حرب من نوع آخر ـ طابعها اقتصادي وسلاحها البترول والدولار وأهدافها سياسية واستراتيجية، إنها الحرب البترولية القادمة.
يبدو أن بعض الخليجيين قد ضاقوا ذرعا من التدخل الإيراني في شؤون المنطقة، ففي كل صراع عربي تكون إيران حاضرة فيه، فكان لا بد من مواجهة إيران ولو بطريقة غير مباشرة ـ كالحرب البترولية ـ و لما لا؟
فالبترول سلاح ذو حدين ليس بالمفهوم السلبي بل بالمفهوم الإيجابي، فكما يمكن استخدام قطع إمدادات البترول أو التقليل منها لرفع الأسعار عاليا ومعاقبة «دولة مستهلكة» ـ يمكن أيضا إغراق السوق بالبترول وتنزيل أسعاره بشكل حاد ومعاقبة «دولة منتجة».
إيران وبالرغم من الحصار الاقتصادي المفروض عليها لعدة سنوات مازالت مستمرة في تمويل المليشيات المتطرفة التابعة لها ـ كحزب الله والحوثيين وبعض التجمعات في العراق، ناهيك عن دعمها لنظام بشار في سورية.
تعاني إيران عجزا مستمرا في الموازنة العامة بلغ العام الماضي أكثر من 30 %، ومع ارتفاع نسبة التضخم لأكثر من 40%، مما تسبب في انهيار العملة الإيرانية بأكثر من ٥٠% منذ فرض العقوبات الاقتصادية عليها.
إيران لا يسمح لها بتصدير أكثر من 1.3 مليون برميل نفط يوميا، ومع نزول أسعار البترول بنسبة 20% منذ بداية العام الحالي وارتفاع الدولار بأكثر من 9% أمام سلة العملات الرئيسية، فإن خسارة إيران ستكون «مزدوجة» فمن جهة ستنخفض العوائد البترولية ومن جهة أخرى سيستمر نزول التومان الإيراني أمام الدولار.
الخليجيون هم ملوك النفط بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث يتصدرون الدول الأكثر إنتاجا له، واستفادوا ولسنوات عديدة من ارتفاع أسعار البترول وكونوا فوائض مليارية كبيرة ستساعدهم في حربهم هذه عندما تنخفض أسعار البترول مستقبلا.
ختاما: أقدام إيران تزداد انزلاقا في وحل الثورات العربية، فالميليشيا التابعة لها في مواجهات مفتوحة في لبنان وسورية والعراق واليمن وبحاجة إلى دعم مادي كبير ومستمر ـ ستعجز إيران عن تأمينه مستقبلا، خيار الحرب البترولية وبالرغم من قساوته إلا أنه أفضل الخيارات المتاحة.
* ملاحظة أخيرة: مهما ازدادت «الحرب البترولية» ضراوة فلن تنخفض أسعار البترول اقل من مستوى 70 ـ 80 دولارا للبرميل، وهو نفس تكلفة إنتاج برميل النفط الصخري، والذي يوفر منتجوه للسوق اكثر من 5 ملايين برميل، عند هذه المستويات السعرية سيتوقف إنتاج النفط الحجري وسيزداد تلقائيا الطلب على النفط السائل وسيرتفع السعر مرة أخرى.