نشر في وسائل الإعلام عن خطة اقتصادية مقدمة من المجلس الأعلى للتخطيط ويباركها مجلس الوزراء تهدف إلى تقليص المصروفات في الميزانية العامة للدولة عن طريق مضاعفة أسعار بيع المشتقات البترولية ورفع الدعم عن الكهرباء ليتضاعف سعرها على المستهلك بأكثر من الضعفين ونصف الضعف.
وبغض النظر عن حقيقة هذا التوجه، وهل هو مجرد دراسة للمجلس الأعلى للتخطيط أو رؤية حكومية أو كلتيهما معا؟
هو الآن مجرد بالون اختبار لقياس ردود فعل المواطنين تجاه هذه السياسة المالية، ويجب أن يتفاعلوا معه.
كنت أتمنى من خبراء مجلس التخطيط أن يتحفونا بوسيلة ذكية لزيادة إيرادات الدولة بعيدا عن الحل الأسهل لهم والأصعب على المواطن وهو رفع الدعم والمساعدات.
هل يعلم خبراء التخطيط والحكومة معا أنه قبل أن تفكر أي حكومة في العالم في اتخاذ هذه السياسة المالية الصارمة المقترحة والمتمثلة في زيادة الرسوم، يجب عليها أن تبدأ بوقف الهدر المالي الحكومي في الميزانية.
من الضروري على الحكومة أن تبدأ بسياسة التقشف والحد من المصروفات الحكومية غير الضرورية والمتمثل في الهبات والمساعدات الخارجية السخية جدا.
وكذلك يجب أن تتوقف الوزارات والهيئات الحكومية عن صرف المكافآت السنوية «البونص» لموظفيها وخاصة الكبار منهم وأن تشطب بند الرحلات الخارجية للموظفين من أجل المشاركة في المؤتمرات والدورات غير الضرورية والتي تكلف المال العام ملايين الدنانير.
عندما تنتهي الحكومة من سياسة التقشف ولم تتمكن من القضاء على عجز الميزانية يمكنها عندئذ أن تنتقل إلى سياسة رفع الدعم عن الكهرباء والماء ولكن عن العقارات التجارية والاستثمارية فقط.
وإذا استمر العجز المالي ـ وأنا أشك في ذلك كثيرا ـ يمكنها أن تزيد بعض رسوم الخدمات كالهجرة والمرور «الإقامات ورخص القيادة» وتبدأها بمعاملات الشركات وليس الأفراد.
يجب أن يعلم مخططو الحكومة أن آخر العلاج هو الكي، وليس أوله، بمعنى أن الذهاب إلى جيب المواطن البسيط لمعالجة العجز المالي هو القرار الأخير وليس الأول.
ختاما: انخفاض أسعار البترول المؤقت لا يبرر أبدا، اتخاذ كل هذه الإجراءات الاقتصادية القاسية المقترحة، فالاقتصاد العالمي يتعافى وإن حصل بعض التذبذب في أسعار البترول فإنه سيرتفع قريبا، وبالإضافة إلى أننا نملك فوائض مالية سابقة لأكثر من 10 سنوات، حتما ستعالج عجز الميزانية المؤقت هذا إن حدث أصلا.
٭ ملاحظة أخيرة: تمتلك الكويت «مئات المليارات» موزعة على الاحتياطي العام للدولة والاستثمارات الخارجية والصندوق السيادي من المفترض أن تحقق أرباحا سنوية (بضع مليارات على أقل تقدير)، ويمكن أن تضاف هذه العوائد إلى الميزانية العامة للدولة وستكون كفيلة بالقضاء على أي عجز مالي متوقع ودون المساس بموارد طبقة محدودي الدخل والحظ.