قرأت مقابلة أمين عام المنبر الديمقراطي السيد بندر الخيران في جريدة "الطليعة" في عددها الصادر يوم الأربعاء الماضي، وقد أسعدني فعلا هذا الطرح العقلاني الهادئ المتزن لأمين عام المنبر، هذا النوع من الطرح الواعي بات شبه مفقود في العامين الأخيرين لدى معظم القوى السياسية، فما هو سائد حاليا هو أسلوب التشفي والسخرية "والمعاير" بين التيارات وقواعدها، ولا أستثني هنا أحداً، خصوصا في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي والمساحة التي تتيحها تلك الوسائل للجميع من قيادات للتيارات السياسية أو ما دونهم من التعبير العقلاني أحياناً، والبعيد عن المنطق في أحيان كثيرة أخرى، وقد أفضى أسلوب التشفي والسخرية الدارج حاليا إلى اتساع الهوة بين التيارات، ورغبة كل جهة في التصيد على الأخرى، وهو ما لا يخدم طبعا أي اتفاق مشترك في المستقبل طبعا. لقد قدم لنا السيد بندر في وسط هذه الجلبة صوتاً هادئاً أتمنى أن يعمم على الجميع؛ لأن هذا التوازن هو ما نحتاجه فعلا اليوم، لم يهادن أو يجامل "بومشعل" في طرحه، ولم يتوارَ خلف شعارات أو تجميل للمفردات، بل كان صريحاً جداً في طرح رأي المنبر الديمقراطي حين ذكر "الدعوات الأخيرة للخروج إلى ساحة الإرادة في شهر رمضان الماضي وغيره، رفض المنبر المشاركة فيها"…"ومهما كانت المطالب والضغوط علينا للمشاركة في أمور مثل هذه فلن نشارك". كما أنه عبر عن رأي المنبر المطالب بالتمسك بالدستور الحالي والالتزام بتطبيقه قبل الانجراف لأي مطالبات بتعديل الدستور دون أن يخشى تخويناً أو تشكيكاً وغيرها من أدوات سادت في الأيام الماضية. كما كان واضحاً في مسألة رفض المنبر الديمقراطي أن يكون رافداً أو داعماً لمن لا يؤمن بالدستور ويؤمن فقط بسياسة الإقصاء بأبعادها الطائفية والقبلية حتى لو لم يرض الآخرون عن ذلك. أما المسألة الأهم برأيي في مقابلة السيد بندر الخيران أمين عام المنبر الديمقراطي فهي طبيعة تعامل المنبر مع مجلس الأمة الحالي رغم عدم مشاركته في الانتخابات الماضية، فقد بين "بومشعل" ضرورة التعاون مع نواب المجلس الحاليين لإقرار بعض المطالبات، كما أثنى على دور بعض النواب في التفاعل مع قضايا الرأي العام، بل حتى مشروع إصلاح النظام الانتخابي المزمع تقديمه من المنبر قريباً، فقد أكد أمين عام المنبر أن السلطة التشريعية هي الملاذ لإقرار ذلك النظام، وأنا هنا أقتبس من المقابلة "نحن ليس لدينا حساسية مع أحد، ولن يقر المشروع الانتخابي أو غيره إلا داخل السلطة التشريعية، على الرغم من ملاحظاتنا عليها، ولكن شئنا أم أبينا سنعود إليها". هذا هو يا سادة النموذج السليم في التعاطي السياسي الإيجابي، وقد قدمه لنا السيد بندر الخيران بأجمل صورة دون تشنج، نعم لا بد من التعاون في سبيل الوصول إلى الأفضل دون حساسية، وعلى شباب المنبر قبل غيرهم أن يترجموا ما تفضل به الأمين العام على أرض الواقع مبتعدين عن منهج الآخرين في محاولات التصيد أو التقليل من ضرورة العمل من داخل السلطة التشريعية في سبيل تحقيق المطالب. شكرا جزيلا يا "بومشعل" على هذا المثال الرائع الذي تقدمه لنا، فنتعلم ونستفيد منه، وأختم مقالي في اقتباس أخير من مقابلة أمين عام المنبر "لن تنهض الكويت ونحن متخاصمون".