“لو تشقق ثيابك.. مالك إلا هالراتب.. عاجبك اشتغل، موعاجبك.. غيرك بدالك”.
تلك واحدة من أشهر العبارات التي ينطق بها بعض المسئولين، من البحرينيين والأجانب، في حال استلامهم رسالة أو طلب تعديل راتب من أحد البحرينيين المسحوقين ممن أصبحوا يرون الأخوة الأفاضل الكرام الأحبة الأجانب، لاسيما في القطاع الخاص، يصعدون سريعاً على معدل الترقيات والوظائف والأجور، والبحريني (الأجلح الأملح)، محلك سر.
ليست تلك قاعدة مطلقةً، فهناك من المسئولين، من بحرينيين وأجانب أيضاً، يبذلون جهداً لا بأس به ووفق ما يتيسر لهم من صلاحيات، لتحسين أجور الكوادر البحرينية، لكنهم قلة ونادراً ما تنجح مساعيهم. وفي المقال، هناك نموذج آخر، وهي الترقيات القائمة على قاعدة “لأجل عينٍ تكرم ألف عين”، أو من قبيل (اللي يبينه عيت النفس تبغيه)، أو ربما يدخل في ذلك النموذج من الترقيات والزيادات ما يتماشى مع قاعدة (أحبها وما تحبني وش الفايدة)، ولابد من أن هناك من يستخدم أسلوب (أكثر من روحي أحبك)، وأظن أن القارئ الكريم، فهم القصد بسهولة.
على أية حال، يتوجب على البحرينيين أن يكثروا من الدعاء لله سبحانه وتعالى لأن يكونوا من “المرضي عنهم في عيون مسئوليهم، المحببين لدى مديريهم، القريبين من قلوبهم، العالية أجورهم”!
ولا أعتقد أن هناك من البحرينيين من قام بتقديم مقطع مسرحي تمثيلي لطيف يتمنى فيه أن يكون “وافداً” على أن يكون مواطناً وهو يرى الشركة أو المؤسسة أو المنشأة التي يعمل فيها وقد فضّلت الوافد عليه في الأجور والزيادات والامتيازات… وهز يا وز!
ليس ذلك الكلام من جيبي، فآخر إحصاءات هيئة تنظيم سوق العمل الصادرة خلال النصف الأول من العام 2014، تقول إن “الأجانب استحوذوا على 95 في المئة من الوظائف العالية الأجور التي خلقها القطاع الخاص خلال النصف الأول من 2014 والتي تزيد رواتبها على 1000 دينار” (عدل لو لا؟)، ثم تفصل البيانات لتقول: “بلغ عدد الأجانب 812 في مقابل 41 بحرينياً فقط بنسبة 5 في المئة من مجموع الوظائف العالية الأجور التي بلغت 853 للنصف الأول من العام الجاري” (صح لو لا؟).
ثم تمتليء الصحف ووسائل التواصل والنشرات الصحافية بالكثير من التصريحات عن دعم الكوادر الوطنية أولاً، والارتقاء بمستوى معيشة المواطن وتحسين الأجور، فبالتالي هكذا الكلام ( لا هو عدل ولا هو صح).
لا ننكر أن هناك سعياً لتحسين أجور البحرينيين في القطاعين العام والخاص، لكنه لا يحظى لا بدعم السلطة التشريعية التي هي أصلاً كانت ولا تزال وستبقى مترنحةً في أدائها العقيم؛ ولا السلطة التنفيذية استطاعت فعلياً تحسين مستوى الأجور، ولابد من التركيز على “الخاص” أكثر من العام لوجود شريحة كبيرة من العمالة الوطنية يبلغ عددها 84 ألفاً و367.
نحن كمواطنين، لا نسأل عن زيادة للعاملين في القطاع الحكومي وحسب، بل لابد من إعادة النظر في وضع العاملين في القطاع الخاص، فهو القطاع الذي يمثل الشريحة الأكبر للأيدي العاملة البحرينية، وهذا يعني أن الزيادات ما لم تشمل العاملين في القطاع الخاص، فإن الحال في المجتمع لن تبدو متغيّرةً كثيراً، خصوصاً أن المعاناة مشتركة بين جميع المواطنين، سواءً كانوا في القطاع الخاص أو الحكومي، لأن موجة ارتفاع الأسعار الضارية وارتفاع كلف المعيشة لا تفرق بين القطاعين.
وعلى اعتبار أن مشوار البحث عن الزيادة سيطول، فهذا يعني أن معاناة المواطن ستطول هي الأخرى! فمن ناحية، لاتزال مشروعات الإسكان أقل مما هو مطلوب لتغطية الطلبات، وليس هناك من ذوي الدخل المحدود من يسعفه الحظ لشراء أو بناء منزل! ومن ناحيةٍ أخرى، ارتفع مؤشر أسعار الأغذية والملابس والخدمات وكل ما هو مطلوبٌ للمعيشة، في حين بقيت الرواتب في محلها، هذا إذا وضعنا في الاعتبار أن رواتب القطاع الحكومي تحسّنت بنسب ضئيلة، لكن رواتب العاملين في القطاع الخاص، وخصوصاً في القطاعات المتوسطة والصغيرة، لاتزال منخفضةً وتثير قلق الكثيرين في شأن مستوى الاستقرار الاجتماعي.
قال الشاعر الذي لا أعرفه مع الأسف متفكّهاً مستلطفاً:
كلما جاء المنادي هاتفاً بشراك افرح
فالزيادات قريبة قم صديقي.. قم لتمرح
ثم بعد الفرح مأتم ارتمي فيه وأسرح
أذكر الأقساط ويلي آه ويلي.. آه وح وح
وأجابه شاعر آخر:
خل الكلام العدل واسمع كلامي عدل
مش بوز أم التي شافت ظروفك عدل
وش هالمعاش الذي من يذكرونه انسدح!