ورد في القبس، 8/29، على لسان مصدر رفيع، أن الفساد يتحكم بمفاصل وزارة الأوقاف، وأنه منتشر فيها على نحو لا يقل عن وضع البلدية، رغم خصوصية الوزارة، وطابعها التوعوي والديني! لا أعرف كم عدد المرات التي كتبت فيها عن فساد هذه الوزارة، ولكنه لم يقلّ عن 10 مقالات. كما سبق أن حذّرت من خطورة اعتبار أي جهة دينية محصَّنة من النقد والرقابة، ولأي مذهب انتمت، فقد سبق أن كتبت عن شكوكي في ما يتعلق بالتلاعب بأموال الخمس، ولكن لا أحد التفت إلى ما كتبت، بحجة أن ما ذكرته هو «افتراء»، وأن القائمين على هذه الجهات «رجال أفاضل»، وقد يكون هذا صحيحاً، ولكن لا يعني أنهم «ملائكة»، فالمال السايب، كما يقول المثل، يشجع على السرقة، ومع الأسف الشديد، فقد كانت أموال هذه الوزارة في غالبيتها سائبة واعتبارها لا تخطئ تسبب في كارثة أخلاقية، ومؤسف أكثر عدم قيام أي وزير أوقاف، منذ التحرير وحتى ما قبل أسبوع، بفعل شيء لإصلاح الوضع الخرب فيها، وغريب أن يتطلب الأمر في النهاية تدخل وزير داخلية ليقوم بإصلاح الأوقاف! لقد كانت هذه الوزارة، وإن بطريقة غير مباشرة، جزءا من عملية التخريب التي تعرّضت لها عقول عشرات آلاف الشباب، ودفعهم إلى التطرف الشديد. وقد استفاد بعض مسؤولي الوزارة من ذلك التطرف، ومن بث سموم الفرقة، ولكن عندما فاض الكيل، وصدرت «الأوامر» بالاعتدال، تم تفويض الجهة نفسها التي كانت وراء نشر التطرف لتتولى مسؤولية نشر الاعتدال والدعوة إلى الوسطية، وكانت هذه مناسبة أخرى لبعض مسؤولي الوزارة للاستفادة من عملية نقل البندقية من كتف إلى كتف، فعندما تصدر الأوامر لا أحد يعبأ بما سيتكلفه الأمر. وهكذا تم استقدم متطرف سوداني من عظام رقبة الإخوان، وأسكن في فندق 5 نجوم، ومنح مكافأة شهرية لا تقل عن 20 ألف دولار ليقوم بعملية نشر الوسطية. ولم يكتف بعض مسؤولي الوزارة بذلك، بل أسسوا لجاناً ومراكز وسطية، وعينوا أنفسهم فيها، وهات يا لهف أتعاب ومكافآت، وكل ذلك في معمعة لا أول لها ولا أصل، ولا أحد يعرف لماذا تأسست، وما أهدافها، وإلى ماذا تسعى! ويا ليت بقي الوضع دون أي تقدم، فالعكس هو الذي حدث، حيث ازدادت حمى التطرف بين الشباب، منذ تأسيس مراكز الوسطية، لتصل إلى ذروتها مع ورود أنباء عن انخراط مئات الكويتيين في جيش «داعش»، حسب بعض المصادر. إن وزارة الأوقاف بحاجة، كما ورد في القبس، إلى نسف أوضاعها وإصلاح ما نخر فيها من فساد وخراب على مدى سنوات، والمسؤولون عنه معروفون، وسبق أن ذكرنا أسماءهم في أكثر من مقال. وورد في القبس كذلك أن وزير الداخلية سيتجنب تجربة من سبقه من الوزراء، فهؤلاء ربما كانوا يدركون مواقع الفساد، ولكن كانوا يتوقفون فجأة عن المعالجة. ومعروف أن هناك صراعاً شبه دائم بين الإخوان والسلف في الوزارة، ليس على الإنجاز بل على التكالب على المناصب المربحة، فأغلب قيادات الوزارة مختلفة سياسياً، حسب قول القبس، ولكن يجمعها ربما التطاول على المال العام! فهل هناك ما هو مخجل أكثر من هذا؟ شكراً لمحمد الخالد، الوزير والشيخ الشجاع، الذي قام بما عجز غيره من وزراء ومسؤولين كبار عن القيام به. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com