احمد الصراف

البعبع الإيراني ومذكرات العدساني 2/3

وهكذا تأسس أول مجلس تشريعي في الكويت في 29 يونيو 1938، وكانت المآخد عليه اقتصاره، انتخابا وترشيحا، على فئة قليلة، ومن التجار غالبا، حيث بلغ المرشحون 20 شخصا تقريباً، والناخبون 320 شخصا، ويقال ان العدد بلغ 500. ويكفي للدلالة على أهمية مجلس 1938 الذي اختير الشيخ عبدالله السالم رئيسا له، دوره في اقتناع الشيخ عبد الله السالم، بعد سنوات قليلة من توليه الحكم، بضرورة تبني هذا النظام بصورة سلمية، وهكذا ولد النظام النيابي الحالي. كان لكبار قادة الشيعة موقف من مجلس 1938، مماثل لموقفهم من مجلس 1921، حيث اختاروا الوقوف بجانب الحاكم، مع شخصيات عربية وسنية أخرى. ولم يرض ذلك، إضافة لما قيل عن سعيهم للحصول على حماية المقيم البريطاني في الكويت أثناء حرب الجهراء، لم يرض المناوئين لهم! ولكن من المهم هنا توضيح أنه لم يكن من السهل في تلك الفترة تحديد المواطن من غيره، في غياب أي تعريف لمن هو المواطن، وغياب الجهة الراعية لهذه المسألة، فقد صدر أول قانون يتعلق بتحديد الكويتي من غيره بعد 21 سنة من تلك الأحداث، اي عام 1959. وبالتالي من الإنصاف القول ان فئة محددة من قاطني الكويت في تلك الفترة، الذين تأثرت مصالحهم التجارية، بسبب سوء الإدارة الحكومية، طالبوا الحاكم بضرورة مشاركته في بعض من صلاحياته، ورأى آخرون عدم جدوى ذلك، وكان من ضمن هؤلاء غالبية قادة أو ممثلي الأقلية الشيعية حينها. ثم جاء الاستقلال عن بريطانيا، إبان حكم الشيخ عبد الله السالم، وجاءت الديموقراطية، وانتخب أول مجلس نيابي «حقيقي» في تاريخ الكويت عام 1963، ولكن بالرغم من أن النفوس صفت، تقريبا، مما علق بها من تجربة مجلسي 1921 و1938، وتناسى الناس مواقف مختلف الأطراف من تينك التجربتين، فإن ذلك «التناسي» لم يشمل الشيعة، وبالذات الذين تعود أصولهم الى إيران. حيث كان للإدارات الحكومية المتتالية، أو من شغلوا المناصب التعليمية والثقافية فيها، مواقف حادة منهم، انعكست بالتالي على العلاقة مع إيران، وهناك مسؤولون تغاضوا عن تلك المواقف من منطلق «فرق تسد». وهكذا أصبحت معرفة أو تدريس اي شيء يتعلق بالثقافة الإيرانية، من منطق عرقي أو مذهبي، أمرا غير مرغوب فيه. ونتجت عن هذا النأي او الجهل بالآخر هوة بين البلدين لم تستطع مختلف التصريحات والزيارات السياسية ردمها. ثم جاءت الحرب العراقية الإيرانية لتعمق من تجذير الحذر من إيران، التي كانت، حسب اعتقادي، أقل عدوانية وشكا في نظرتها الينا من نظرتنا اليها. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *