تصدرت تصرفات وسلوكيات بعض المواطنين ممن يقضون إجازاتهم أو رحلات علاجهم كما يتردد، أقول تصدرت تلك السلوكيات، أحاديث ورسائل الناس، بل نتج عنها أيضا تصريحات من مسؤولي الدولة. فأعمال كالسباحة في النوافير العامة أو قيادة السيارات والاستعراض بها في الحدائق العامة والرقص في الشوارع وغيرها من سلوكيات أثارت امتعاض الكثيرين وهو أمر أشاركهم فيه، وأعتقد أن معظم تلك التصرفات لا تناسب الذوق العام سواء داخل الكويت أو خارجها. وقد انبرى البعض لتفسير تلك التصرفات على أنها نابعة من فئة معينة فقط من المواطنين، وصبوا جام غضبهم على تلك الفئة بحجة أنهم "فشلونا" بالخارج، وأن ما يقومون به لا يعكس الذوق والآداب العامة للكويتيين. سأقبل هذا الطرح مجازاً، لكي أطرح تساؤلات أراها ضرورية لاستيعاب الوضع: من الذي يحدد الذوق والآداب العامة للمجتمعات؟ فهل يعتبر أكل الأرز مثلا باليد في مطعم مخالف للذوق العام؟ وهل يعتبر التسوق في لندن مع خادمة تقوم بحمل الأكياس من ورائنا مخالفا للذوق العام؟ وهل تأجير السيارات الفارهة والتجول فيها بشوارع أوروبا مصحوبا بصوت عال للموسيقى مخالف للآداب العامة؟ لا أفهم كيف يكون تقييمنا للذوق العام مبنيا على من يقوم بالتصرف لا التصرف نفسه؟! نعم، لكل فئة من فئات مجتمعنا تصرفات قد لا تستسيغها الفئات الأخرى، وقد يكون هناك تصرف لفئة صغيرة لا تقبله بقية فئات المجتمع، ولكي تكون مسطرة الذوق العام واحدة فلا بد أن يندمج المجتمع مع بعضه كما كان سابقاً قبل أن تتعمد الدولة تفتيته لاعتبارات أساسها سياسي، فنحن اليوم مجتمع واحد اسمياً فقط إلا أننا منقسمون إلى دويلات داخل هذا المجتمع، ولكل فئة سلوكياتها وطبائعها الاجتماعية، وإذا ما أردنا أن نوحد تلك السلوكيات فلا بد أولا أن نمنع أو نصعّب على الأقل هذا التكدس الفئوي لمناطق الكويت السكنية مثلا، فلا تكون الرميثية لفئة وصباح الناصر لأخرى والفيحاء لثالثة، بل ينغمس المجتمع كله مع بعضه ليعيد تحديد آدابه وسلوكياته وأطباعه، حينها فقط سيتضح الشذوذ عن الذوق العام، ويكون تقييم السلوكيات موضوعياً فعلا. ضمن نطاق التغطية: تكلمت في المقال عن الذوق العام دون المساس بقانون البلد، بمعنى أن الذهاب إلى الجمعية بالـ"بيجاما" لا يخالف القانون لكنه غير مستساغ شكلياً، أما مخالفة قوانين البلد سواء بالداخل أو الخارج فهي مرفوضة وموحدة طبعاً.