مرة أخرى يعود الحديث عن التجنيد الالزامي وضرورة تطبيقه في الكويت، ويبدو ان الحكومة والبرلمان متحمسان لاقرار القانون الجديد للتجنيد والذي سيشمل الجنسين (الذكور ـ الاناث) على السواء.
يعتبر التجنيد الالزامي من الضرورات الامنية للدول وخاصة قليلة السكان كالكويت من اجل تعزيز قدراتها الدفاعية، فالتحالفات الدولية تتغير حسب المصالح ولا يعتمد عليها طويلا.
يمكن للتجنيد الالزامي ان ينجح في الكويت حيث تتناسب التركيبة السكانية ومع وجود اكثر ٦٠% من المجتمع الكويتي من فئة الشباب التي يمكن ان تزود القوات المسلحة بكل احتياجاتها من الطاقة البشرية، وخصوصا مع عزوف الشباب عن التوظف بالقطاعات العسكرية.
من المهم جدا ان يتجنب قانون التجنيد الجديد سلبيات القانون القديم الذي اثبت فشله، والاكثر اهمية ان تكون فكرة التجنيد ضمن رؤية استراتيجية شاملة.
كان التجنيد في السابق ورغم الصعوبة والمشقة التي يكابدها الشباب فيه الا ان الجيش لم يستفد منهم كثيرا ـ ليس لقصور بالمجندين بل لعدم توافر سلاح كاف لهم.
في الدول التي تعتمد في سياساتها الدفاعية علي المجندين كعدوتنا (اسرائيل) تقوم بإنشاء معسكرات كاملة مجهزة بأحدث الاسلحة وأثقلها مخصصة فقط للمجندين لتشكل جيشا من الاحتياط يكون رديفا للجيش النظامي ولا يقل جاهزية عنه (ملحوظة: في حرب ٦٧ وخلال ساعتين من استدعاء الجيش الاحتياطي الاسرائيلي كان قد انتشر وبكامل معداته على طول جبهة القتال).
ليس المهم تجنيد وتدريب الشباب بل الاكثر اهمية هو توفير معدات وآليات دفاعية وقتالية لهم ليشكلوا قيمة عسكرية مضافة، ويجب ان تفصل معسكرات وقيادات وآليات المجندين عن القوات النظامية.
اما التجنيد بالطريقة القديمة فما هو إلا اهدار للمال والطاقات ـ ان لم يكن الهدف من قانون التجنيد الجديد انشاء جيش احتياط كويتي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
الدفاع عن النفس والوطن من الواجبات الشرعية قبل ان تكون من الوطنية، فالشرع يحث على حفظ الكليات الخمس ومنها النفس والمال، وعلى ان يكونوا على استعداد دائم لقتال الاعداء والدفاع عن أنفسهم فقد أمرنا الله سبحانه بكتابه (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم …) الأنفال ٦٠.
فعند النفير يجب على المؤمنين القتال ومن يتخلف يكون قد ارتكب إثما، وفي عصرنا هذا لا يمكن للمدنيين القتال واستخدام معدات الحرب وآلياته ما لم يتدربوا عليها، لذلك يرى الكثيرون ان من الواجب الشرعي التحاق الرجال بالتجنيد.
اما التجنيد الالزامي للنساء فلا أصل له في الشرع ولا يتناسب مع عاداتنا وتقالدينا، اما تطوعهن الاختياري في التجنيد للمساعدة في تقديم الخدمات الصحية والامداد فبكل تأكيد لا أحد يعارضه، فسبق للصحابيات رضوان الله عليهن الخروج في الغزوات للتطبيب ونحو ذلك.
ختاما ـ لا تنمية ولا ديموقراطية ولا حرية بلا أمن ـ ولكل دولة ظروفها الامنية واحتياجاتها الدفاعية ـ اتمنى ان يعالج قانون التجنيد الجديد سلبيات القانون القديم ـ ليعالج مشكلاتنا الامنية ويخدم مصالحنا الوطنية وفق استراتيجية دفاعية شاملة.