يصادف هذه الأيام مرور ما يقارب ربع القرن على جريمة غزو الكويت وتهديد دول الخليج ومازالت الأسئلة تطرح حول ذلك الحدث الجلل دون إجابات شافية عنها، وأولها ما هدف القيادة العراقية آنذاك من ذلك الغزو الذي ادعت بعد أن عجزت عن تبريره أنه وحي أتى من السماء (!) فقد كان العراق قد خرج للتو من حرب طاحنة ضد إيران وقبلها وبعدها حرب دموية ضد الأكراد، وكان الاعتقاد أن النظام سيخطط لمائة عام من السلام لبناء العراق المدمر وتعويض شعبه الصابر.
***
ولم نسمع حتى اليوم عن سبب مقنع واحد للغزو، فلو أن الكويت وقفت ضده أو حتى على الحياد في حربه مع إيران لقيل ان ذلك مبرر الغزو، إلا أن الكويت وقفت معه وتحملت الأذى لأجله دون مقابل، كما لا يصدق أحد ان الكويت ذات الإنتاج الذي لا يتجاوز المليون برميل آنذاك يمكن لها أن تتحكم في أسعار سوق نفطي يبلغ مجمل إنتاجه 87 مليون برميل يوميا، ومثل ذلك أكذوبة احتلالها لأرضه حيث تبين العكس تماما وان العراق هو الذي كان يحتل أراضي الكويت دون علم أحد، وفي مؤتمر جدة تحقق مطلب العراق بالحصول على 11 مليار دولار، حيث وافقت الكويت على دفع 10 مليارات والمملكة على دفع مليار، فلماذا ترك الدوري اللقاء دون سبب أو مبرر ليبدأ الغزو فجر اليوم التالي؟!
***
وتظهر مذكرات قادة الحرس الجمهوري انه تم إبلاغهم بالرغبة في احتلال الكويت كاملة في أوائل شهر يوليو وتم تحليفهم على المصاحف ألا يفشوا السر ومن ثم تصبح المذكرة العراقية التي أرسلت في 17/ 7/ 1990 ولقاء الرئيس العراقي مع السفيرة الأميركية في 24/ 7/ 1990 ومؤتمر جدة اللاحق ما هي إلا عمليات لذر الرماد في العيون، فالأمر مقرر سلفا بأمر إلهي سماوي – الأصح شيطاني أرضي – على القائد الضرورة وهو أمر لا راد له أو مانع.
***
والغموض لا يغطي فقط أسباب حرب الكويت عام 1990 ومحاولة قتل الدجاجة التي تبيض المليارات الأغلى من الذهب وآخرها 10 مليارات مؤتمر جدة، بل يمتد الغموض لأسباب حرب أم الهزائم عام 1991 بعد أن حصل النظام على تعهد بألا يمسه سوء إذا ما قرر الانسحاب من الكويت، من الدولتين العظميين في العالم أي أميركا وروسيا، وكان بإمكانه الانسحاب والبقاء على الحدود ولإكمال ابتزازه، ولا يعلم أحد كذلك أسباب تجويعه لجيشه وإرعابه له بالنشرات الدورية التي تصل له مما جعل الجيش ينهار قبل الحرب لا بعدها.
***
آخر محطة: (1) واضح فيما حدث منذ أغسطس 1990 حتى أبريل 2003 وقد صمد العراق رغم توقفه عن تصدير النفط ان الوضع الاقتصادي لم يكن بالسوء الذي صوّره صدام وحاول جعله مبررا للغزو.
(2) قد يكون السبب الحقيقي للغزو هو خوف صدام من جيش المليون جندي أن يرتد عليه، لذا تآمر على جيشه وزجه في حروب غير متكافئة لتدميره، إلا أن السحر ارتد على الساحر!
@salnesf