سامي النصف

لماذا لا يثور اللبنانيون؟!

 

نفط لبنان وثروته ومصدر رزق شعبه هو السياحة والاستثمار المصاحب، ومازلت أذكر كيف اهتز لبنان وارتجت حكومته وصاحت صحافته ذات يوم لأن العراق هدد بأن يوقف زيارة سائحيه للبنان، وقد تحركت الرئاسة والحكومة اللبنانية بسرعة آنذاك حتى تم حل ذلك الاشكال وقدم السائحون من العراق.. عندما كان العراق يصدر السائحين لا.. اللاجئين!

***

يشهد لبنان للسنة العاشرة على التوالي ضربا متصلا لموسم الاصطياف فيه، فما ان يأتي الصيف حتى تبدأ عمليات تسخين سياسي وامني ينتهي دائما بارعاب المصطافين وتخويف المستثمرين والسائحين، فينتهي الامر باغلاق الفنادق والمطاعم والمحلات ويصطف من قطعت ارزاقهم على ابواب السفارات بحثا عن فيزا للهجرة في وقت يفترض ان يمتد موسم الاصطياف اللبناني للعام بأكمله، فسواح الدول الخليجية والعربية بعد تراكم ثروات البترودولار لديهم قادرون على القدوم في المواسم الاربعة، فالامطار والثلوج تعتبر عوامل اغراء لا طرد لهم.

***

والغريب ان جميع اللبنانيين متفقون على فساد النظام السياسي والحزبي والطائفي والعشائري القائم على المحاصصة والمعمول به منذ عهد الاحتلال الفرنسي والذي لم يأخذ من الديموقراطية الا المسمى فقط، حيث لا يستطيع المواطن اللبناني ان يترشح للانتخابات خارج قوائم الزعامات التقليدية، وكثيرا ما تدفع اتاوات مالية ضخمة لتلك الزعامات كي تضم من يريد الترشح على قوائمها، الا ان الجميع في الوقت ذاته يخشى من «القفز للمجهول» حال الثورة على ذلك النظام والغائه واحتمالية انفراد مكون بحصد كل المراكز والمكاسب ومن ثم ظلمه وتنحيته للآخرين.

***

آخر محطة: 1 ـ لبنان دولة خدمات من الدرجة الاولى، وكان بإمكانه ولايزال ان يصبح احد اغنى دول العالم كحال دول الخدمات الاخرى مثل لوكسمبورغ وسويسرا وسنغافورة لولا الانشغال بالسياسة التي تفرق بدل الاقتصاد الذي يوحد.

2 ـ هل يعقل الا يستطيع شعب حضاري كالشعب اللبناني لديه 70 عاما من الممارسة الديموقراطية ان يختار رئيسا للجمهورية ويشكل حكومة وينتخب مجلسا نيابيا؟! ماذا ترك للشعوب العربية القادمة جديدا للديموقراطية؟!

احمد الصراف

مسيحيو الشرق.. ثانية

يمكنني الادعاء، بفخر أو بغير ذلك، بأن المقال الذي كتبته بعنوان «ايها المسيحيون اخرجوا من أوطاننا» (7/22) أصبح من أكثر المقالات التي عرفت مثل ذلك الانتشار في تاريخ القبس الذي يمتد لأكثر من 42 عاما! وسبب ذلك الانتشار يعود في جزء صغير منه لموضوع وطريقة صياغة المقال، ولكن الجزء الأكبر يعود لتوقيت النشر والوباء الذي نشره «داعش» في المنطقة، وما تعرض له مسيحيوالموصل، وربما العراق تاليا، على يد هذه العصابة من إهانة وتعذيب وتشريد وتهجيروقتل. كما أن فضل الانتشار يعود الى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من انتقال المقال من قارة لأخرى، خلال ثوان، أمرا يسيرا. والدليل على انتشار المقال أن موقعي الشخصي www.kalamanas.com حظي بأكثر من عشرة آلاف زيارة في يومين، هذا غير مئات رسائل الإيميل والواتس أب والمكالمات الهاتفية التي وردتني. اضافة الى ما تلقته ادارة التحرير من اتصالات من داخل الكويت وخارجها.
وبالرغم من مشاعر النشوة التي غمرتني في البداية على تلك النتيجة، إلا أنني سرعان ما شعرت بغصة، خاصة بعد أن قرأت التعليقات التي وردت على المقال، سواء على صفحة القبس على الإنترنت، أو على الموقع الشخصي، وهذا ما لا أقوم به عادة. فقد تبين منها مقدار تعطش المسيحيين لسماع كلمة حلوة من الطرف الآخر، ولو أنني لا أعتبر نفسي طرفا أصلا! كما بينت ردودهم مدى قلقهم على أوضاعهم وحياتهم ومستقبلهم ضمن هذا المحيط الكبير من المخالفين لهم دينيا، والذين يمكن أن ينقلبوا، بين ليلة وضحاها، إلى أعداء شرسين بعد ان كانوا اخوة متحابين لقرون وقرون، والأمثلة أكثر من أن تحصى، فقد حدث ذلك في السودان وسوريا والعراق ومصر وتونس وميانمار ونيجيريا ولبنان وغيرها الكثير.
والظاهرة الغريبة الأخرى كانت في تعدد الجهات التي وجهت لي سؤالا محددا عما يجب عليها القيام به، في حال وصول وباء داعش إلى أراضيها، وعما إذا كنت أنصحهم بالبقاء والصمود، أو الرحيل إلى حيث الأمان؟ علما بأن هناك دولا عدة ستستقبلهم بكل ترحاب. والحقيقة أنني بذلت جهدا في عدم إعطاء جواب محدد، فالسؤال صعب جدا، وليس بمقدور أي شخص الإجابة عليه من دون الشعور بكبر المسؤولية!
نعم.. مسيحيو بلداننا، وملح أرضها، بحاجة لمن يقف معهم ويطمئنهم، ليس لأنهم ضعفاء، وليس لأنهم بحاجة للعون، بل لوضوح حقوقهم الإنسانية والمعيشية والقانونية، وصيانة للتنوع الذي أعطى بعض بلداننا حضارتها وتقدمها، فهم، والحق يقال، من كانوا اصحاب الأرض، فكيف يأتي اليوم غريب عنهم وعن أرضهم، ويطلب منهم دفع الجزية أو تضرب أعناقهم؟
نعم الإنسانية والمنطق والعقل جميعها تطالبنا بالوقوف مع المسيحي العربي، والمسيحي الأرمني والسرياني والآشوري والكلداني، فهم مواطنون لهم حقوق كاملة، قبل ان يكونوا أهلا وأحبة، فهل لدينا الشجاعة لأن نقف معهم؟! أحمد الصراف