سامي النصف

الإنجاز الخليجي والإخفاق العربي!

 الخليجيون هم عرب أقحاح وجزء أساسي من الأمة العربية التي لا يجوز تقسيمها تعاليا وتكبرا، كما يقوم بذلك الأستاذ هيكل وحواريوه، إلى مراكز حضارة (عربية) ومراكز بداوة (خليجية)، أو التفرقة بين القلب (العربي) والأطراف (الخليجية لا المغاربية على سبيل المثال) بدلا من التواضع والتعلم من الإنجاز الخليجي العربي المبهر الذي بات يضاهي في كل مجالات الحياة أكثر الدول تقدما ورقيا بالعالم.

***

ووجود النفط ليس قطعا السبب في تقدم دول الخليج، فعراق صدام وليبيا القذافي وغيرهما كانا ومازالا يعومان فوق بحيرات من النفط، إضافة إلى الموارد الأخرى التي لا تملكها الدول الخليجية ودون إنجاز يذكر إلا الخراب والدمار، إن الإنجاز الخليجي سببه الأول والأهم هو «الحكمة والتعقل الخليجي» مقابل «الغوغائيات الثورية العربية»، فالدول الخليجية على سبيل المثال في مرحلة ما بعد الاستقلال لم تعادِ أكثر دول العالم رقيا وتحضرا وتقدما ممثلة بالمعسكر الليبرالي الغربي بل استفادت منه بينما صادقت الثوريات العربية معسكر القمع والتخلف وعدم الإنجاز ممثلا بدول المعسكر الشيوعي الشرقي.

***

وقد تفرغت أغلب الدول الخليجية في مرحلة ما بعد الاستقلال لقضايا التنمية الاقتصادية والحضارية والعلمية والحرص على رفاه شعوبها، بينما تفرغت عواصم الحضارة العربية إلى تبديد الموارد في المغامرات والهزائم العسكرية وتعويض الإنجاز الحضاري بالخطاب الغوغائي المدغدغ للمشاعر وإدخال نفسها كمخلب قط في حروب الوكالة ممثلة لمعسكر الاستعمار السوفييتي القمعي.

***

فكل ما حدث بالمنطقة العربية في فترة الإخفاقات الكبرى منذ بداية الخمسينيات حتى أعوام قليلة خلت لا علاقة له على الإطلاق بدعاوى الوطنية الزائفة ومحاربة الاستعمار الغربي الراحل اصلا باختياره، وغيرها من أكاذيب خدعت بها النخب المفكرة قبل الشعوب، بل كانت تلك الإخفاقات والهزائم نتيجة لأوامر أمليت من قبل السوفييت على الأنظمة الثورية التي كانت تدعي كذبا السيادة، والطريف أن القواعد العسكرية الغربية التي أخليت بمعاهدات الجلاء التي طبل لها قد استبدلت بقواعد عسكرية سوفييتية(!) مثلما استبدل حلف بغداد بمعاهدات مصرية ـ سورية ـ عراقية ـ يمنية ـ ليبية ـ جزائرية مع الاتحاد السوفييتي كانت أكثر إذلالا وضررا من ذلك الحلف المأسوف عليه.

***

آخر محطة:

1 ـ في قضايا السيادة الوطنية، استبدل الحاكم العام البريطاني أو الفرنسي بحاكم أشد سطوة وقوة منه هو السفير السوفييتي في عواصم الحضارة العربية الذي كان يأمر فيطاع في التو واللحظة حتى انه أمر القيادة الوطنية المصرية في يونيو 67 بعدم البدء بالحرب فسمعت وأطاعت و… هزمت، وبالطبع انتهى أمر عواصم الحضارة العربية بخلق نسخ طبق الأصل من الأسياد السوفييت، أي دول قمع وقتل وقهر ودمار اقتصادي وتخلف حضاري.

2 ـ وناصبت عواصم الحضارة العربية الدول المحيطة بها العداء تنفيذا لأوامر السوفييت وأفشلت مشروع حلف بغداد الذي كان يفترض ان يضم الدول العربية وتركيا وإيران وباكستان، ومازلنا ندفع إلى يومنا هذا تبعات تلك السياسة الخاطئة.

@salnesf

حسن العيسى

التحريض على المعارضة… أين ينتهي؟

أكثرية من النواب التابعين للسلطة ومعهم بعض جمعيات النفع العام، يرددون بلا خجل، الحديث عن المؤامرة التي تحاك ضد الدولة، ويذرفون الدموع الساخنة على الوحدة الوطنية، وكأن الكويت تقترب اليوم من هاوية حرب أهلية مدمرة..!
هذا الوهم الكاذب الذي يروجه هؤلاء له مقاصد خبيثة باختلاق الأسباب وتلفيق التهم الكاذبة كي تضرب السلطة جماعات المعارضة وتقصم ظهورهم بالوسائل البوليسية، وإذا لم تنفع الأخيرة (وهي تفعل ذلك الآن عبر القوات الخاصة والتعسف في قرارات السجن الاحتياطي)، فلتعلن السلطة الأحكام العرفية، مع تفويض كامل لها من هؤلاء النواب، وهنا يتم إسباغ ثوب الشرعية الدستورية "الكاذبة" على أعمال السلطة في قمع المعارضين.
 بهذا التسويغ وهذه الانتهازية السياسية تتم اللقاءات هذا الأيام بين هؤلاء المحرضين من نواب وسياسيين تجدهم دائما في ردهات قصور الحكم ومعهم كتاب الخيبة، بهدف بث مشاعر القلق وعدم الأمان عند الناس كي يعلّق الجرس على رقبة المعارضة، وكأن هؤلاء غير راضين عن درجة القمع التي تمارس حاليا، ويريدون زيادة الجرعة كي يصبح المسرح السياسي حكرا لهم ولـ "معازيبهم".
 مثل هذا الخطاب المحرض على معارضة سلمية أكدت في كل مناسبة لها أن هدفها الإصلاح السياسي ووضع حد لفوضى الفساد وإهدار الحدود الفاصلة بين السلطات إذا تحقق بأن جرت السلطة الحاكمة خلف ذلك الخطاب الانتهازي وضربت المعارضين بسند من شرعية الرياء عن الوحدة الوطنية والتآمر المزعوم عليها، فهذا يعني أن صندوق "بندورا للشرور" قد فتح في الدولة، ولن يغلقه أحد، وعندها ستحقق فعلا ما كان يروج له شلل المرجفين في السابق، فليتق هؤلاء الله في وطنهم.
 ملاحظة: هناك وحدة فكر انتهازي بين المحرضين على المعارضة والمتشفين وغير المكترثين من بؤس ومعاناة أهالي غزة بسبب العدوان الإسرائيلي… عيب عليهم…

احمد الصراف

خليفة القنوع

“>امتلك خليفة وأدار باقتدار شركة ناجحة مع شريك عربي، وبعد استقرار أعمال الشركة ورسوخ اقدامها، شعر بأن الوقت قد حان ليرتاح على طريقته، وهنا سافر إلى اميركا، واختار ولاية جميلة، اشترى فيها فندقا متوسط الحجم، يقع على منظر خليج خلاب، وشغل لنفسه الطابق الأخير منه، مستفيدا من خدمات الفندق في التنظيف والطعام وكي الملابس وغيرها.
كان خليفة يحن بين الوقت والآخر لوطنه واهله، فيعود لهم لفترة قصيرة، ولكن مع الوقت أصبح اقل شوقا لهم وأكثر تعلقا بأصدقاء طفولته الذين يأنس بهم، والذين لم تدفعه ظروف الغربة لنسيانهم وتعويضهم بأصدقاء أميركيين أو غيرهم، ولهذا كان يقوم بين الفترة والأخرى بدعوة البعض منهم، حيث يقيم، وغالبا ما كان يتكفل بتغطية كامل مصاريف حلهم وترحالهم. وفي أحد ايام الصيف الحارة والمغبرة في الكويت، تلقى جمع من اصدقائه دعوة جماعية للانضمام له في منتجعه، فلبوا الدعوة من دون تردد، وغادروا الكويت في طائرة واحدة، وما ان استقروا في سكنه الوثير حتى بادره أحدهم بالقول: يا خليفة، لقد أطلت المكوث في أميركا كثيرا، الا تنوي العودة لوطنك واهلك؟ فرد قائلا بأنه سعيد حيث هو، بعيدا عن اخبار الوطن و«المغثة»، وهو يشعر أنه أدى واجبه، وليس لأحد فضل عليه، وصحبه وأهله دائمو الزيارة له! فقال هذا: ولكن ماذا عن «حلالك»؟ اي أموالك وشركاتك، فقال ان كل شيء بخير ويعمل جيدا، وهنا بادره صديقه بمفاجأة لم يتوقعها، حيث قال له ان شريكه، الوافد العربي، يسرقه، وأن الكثيرين في الكويت يعلمون بأمره، فحياة البذخ التي يعيشها لا يمكن تفسيرها. وهنا نظر خليفة لصديقه، دون أن تتحرك عضلة في وجهه، وسأله بهدوء: هل أنت متأكد من ذلك؟ فرد صديقه بأنه متأكد وان ابنه، الذي يعمل مفتشا في جهة حكومية، أخبره بذلك! فأعاد السؤال عليه، إن كان على ثقة بأن اتهامه صحيح، فرد هذا بهزات قوية من رأسه، تكهرب الجو وسكت الجميع مبهورين من قيام أحدهم باتهام شريك مضيفهم بالسرقة، وكيف انه غافل بما يجري وراءه، هذا غير ما يعنيه ذلك من عدم اكتراث وقلة حرص على ماله. وهنا رفع خليفة سماعة الهاتف، وهو يقول بصوت حازم: سأريكم ما أنا فاعل به. أدار القرص على رقم شريكه في الكويت، وبعد لحظات جاء صوته على الطرف الآخر مُرحبا، وبعد السؤال وكلمات المجاملة، قال المضيف لشريكه: يا «أبو فلان» حوّل لحسابي في بنك أوف اميركا 250 الف دولار اليوم، شكرا مع السلامة!
وهنا بهت الجميع من الطريقة التي انهى بها خليفة المكالمة دون عتاب أو اتهام، أو حتى تلميح! فنظر لهم قائلا، وهم فاغرو الأفواه، انا هنا اعيش في مكان كالجنة وحولي كل ما احب واشتهي وارغب، والطقس جميل والرفقة رائعة والكدر معدوم، وشريكي يعمل ويعاني ويكد في درجة حرارة تقارب الستين والغبار من حوله والكدر بداخله، فمن الذي يسرق الآخر، هل هو الذي يسرق مالي، على افتراض أن الاتهام صحيح، أم انا الذي أسرق صحته وعافيته ووقته، لكي يمول راحتي ومتعتي؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com