كتبت مقالاً طويلاً حول ما شهدته البلاد من أحداث خلال الأيام القليلة الماضية، ولكن لأول مرة أتردد بهذا الشكل العنيف في إرسال المقال لـ"الجريدة"، فقد خشيت أن تكون العاطفة وسوء تقدير الأمور هما ما يسيطران علي في لحظات الكتابة، خصوصاً في ظل الجنون الذي عشناه في الأيام الماضية؛ لذا وجدت أن الصمت في لحظات الجنون حكمة، فاخترت الصمت عن هذا الموضوع قليلاً. ولعلها فرصة لأكرر ما كتبته في رمضان الماضي عن مسألة لا أجد مبرراً مقنعاً لها طوال السنوات الماضية على أمل أن يفيد هذا التكرار في تغيير واقع غير مفهوم بالنسبة إلي على الأقل. فأنا ما زلت أجهل سبب إغلاق كل أماكن الطعام في فترة الصيام الرمضانية؟ فلماذا نختزل الدولة التي يقطنها أكثر من 3 ملايين شخص من مختلف الديانات والعقائد والأفكار بدين واحد فقط؟ قد يكون التساؤل أصلاً غير مقبول لدى البعض بحكم أن منع الطعام في الأماكن العامة في رمضان هو ما كبرنا وتأسسنا عليه في الكويت، ولكن إن تحملتم أخذ الموضوع بروية فقد تصلون إلى ما وصلت إليه من قناعة. فالصيام أحد أركان الإسلام كالصلاة والزكاة والحج، ويفترض على كل مسلم قادر أن يؤدي تلك الفرائض، ودولة الكويت كسائر البلدان الإسلامية تهيئ الظروف لكل هذه الواجبات الدينية فتنشئ المساجد وبيوت الزكاة، بل تراعي ساعات العمل أيضا في شهر رمضان، وكل هذه الأمور لا تؤثر في نمط معيشة غير المسلمين في الدول الإسلامية، وهذا هو الأمر الطبيعي والمقبول، إلا أن منع الطعام وإغلاق المقاهي والمطاعم أمر لا أفهمه بتاتاً، فلماذا يفرض على الجميع ما لا ينطبق إلا على فئة معينة وديانة معينة فقط؟ بل حتى إن أراد غير المسلم أن يشرب الماء في فترة الصيام يعاقب بالحبس لمدة شهر، والتهمة مجاهرة بالإفطار!! هناك ديانات وعقائد متنوعة، إحداها يصوم أتباعها عن أكل اللحم مثلا لمدة معينة من الزمن، فهل يقبل المسلم الذي يعيش في بلد أغلبيته تعتقد بذلك الدين أن يمنع من اللحم طوال مدة صوم بعض مواطني ذلك البلد عنه؟ كما أننا نقع في تناقض آخر غير مفهوم كذلك، فلماذا نمنع أماكن الطعام فقط في فترة الصيام ولا تغلق الأماكن العامة في فترات الصلاة طوال السنة؟ فالمنطق واحد وهو أن نفرض على الناس جميعا ما هو مفروض على المسلمين فقط. أعتقد أن مسألة منع بيع الطعام في الأماكن العامة ليست سوى عادات وتقاليد كانت مطبقة حينما كان المجتمع الكويتي محدود العدد جداً دون تنوع في الأديان؛ ليتحول الموضوع رغم التوسع وازدياد السكان إلى قانون دون تعمق في فهم الأمر. السماح لغير المسلم بممارسة حياته الطبيعية لا يمس المسلم بشيء، بل تلك هي طبيعة التعايش دون إضرار بالآخرين، فإن كان الأكل والشرب يجرحان مشاعر الصائمين، فيجب علينا أيضا أن نفرض الصيام على جميع ما يعرض على التلفزيونات قبل الإفطار كذلك مراعاة لمشاعر الصائمين. مجدداً قد لا يجد هذا الموضوع الترحيب، بل قد يقابل بالاستنكار، لكني لا أجد أن فرض دين واحد على الدولة يتسق مع العقل والمنطق.
اليوم: 9 يوليو، 2014
حرب سنية ـ شيعية تدمر الإسلام!
يرى بعض الساسة والمؤرخين ان ما يمر به الإسلام هذه الأيام في قرنه الخامس عشر يتشابه الى حد كبير مع ما مرت به المسيحية في عصورها الوسطى، والتي من ضمنها سلسلة من الحروب الطائفية بين البروتستانت والكاثوليك في الفترة ما بين اعوام 1524 و 1648 ومن ضمنها حرب الثلاثين عاما التي تعتبر الأكثر تدميرا في تاريخ أوروبا لطول امدها وكثرة الدول الأوروبية المشاركة فيها والتي تمخض عنها تقليل عدد سكان القارة بسبب القتل والامراض والمجاعات وتدمير الدول المشاركة فيها اقتصاديا وافقار الشعوب الأوروبية بشكل كبير.
***
وكان جزء من الصراع المذهبي الأوروبي ليس دينيا بقدر ما كان سياسيا واقتصاديا وطبقيا، فالمذهب البروتستانتي كان يمثل الثراء والانظمة الرسمية بينما كان المذهب الكاثوليكي هو مذهب الفقراء والثورة، وهو أمر بقي حتى الصراع الاخير بين المذهبين في ايرلندا الشمالية اي بين البروتستانتية ممثلة الثراء والدولة البريطانية، والكاثوليكية ممثلة العامة والثورة الايرلندية قبل ان يضم الاتحاد الأوروبي جميع المذاهب والاديان في القارة وهو ما يفترض ان تعمل وتسعى اليه الجامعة العربية التي ما زالت تغط في سبات عميق.
هناك من متطرفي مذاهب الاسلام بالمنطقة من يريد اعادة تجربة عصور المسيحية الوسطى عبر إشعال حروب طائفية بين مكونات الدين الاسلامي تستمر لعقود وقرون من الزمن لبديهية عدم قدرة طرف على القضاء على الطرف الآخر، وبنفس النتيجة النهائية أي شلالات من الدماء وهدم للبنيان وتهجير وافقار للشعوب وتدمير للاقتصاد، ونرجو الا يتهم احد الغرباء، فالحرب الطائفية ان استعرت هي من بنات افكار متطرفينا ومن صنع ايدي سذجنا التابعين وقد بانت رايات بدايات تلك الحرب ولن يعرف احد قط متى سنتهي.
***
آخر محطة: (1) سينتج عن اي حرب طائفية معين لا ينضب من الارهابيين وقطع الرقاب ممن سيتحولون الى ابطال وسيتخندق اثناءها حتى العقلاء والحكماء كل لفريقه، واسألوا من عاش حرب 15 عاما بين الطوائف اللبنانية وكيف انتهى الحال بحكمائها؟.
(2) بعد ان وصلت اخبار الزرقاوي لمشارق الأرض ومغاربها، ظهر اخيرا على وسائط الإعلام قبل اعوام وقد صاحب ظهوره فضيحة كبرى حيث تبين ان الطرف الذي يقود الحرب ضد اكبر قوة عسكرية في التاريخ لا يعرف ان يستخدم حتى ابسط الاسلحة.
(3) وفضيحة لحظتها صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية هذه الايام مع الظهور الاول لأمير المؤمنين ومحيي دول الخلاقة الزاهد ابوبكر البغدادي حيث تبين انه يرتدي ساعة يد من أغلى الساعات، وكان المتطرف الآخر المسمى أبو الدرع قد ظهر عليه شريط يفضحه ويكشف ستره، وكيف لأمة يقودها متطرفوها ان يصلح حالها؟!