طوال السنوات والعقود بل القرون الماضية والمسلمون يحاولون نشر الإسلام ومحاربة الكفار والمشركين بأسلوب واحد سائد وهو القتال وبغض الآخر، والمحصلة التي نعيشها اليوم بعد كل تلك القرون من هذا الأسلوب هي عدم قدرتنا كمسلمين على الاستغناء عن المشركين والكفار في مختلف مجالات الحياة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. فلا الكيان السياسي لأي دولة مسلمة قادر على البقاء دون مباركة العدو الغربي الكافر أو رضاه، ولا الكيان الاقتصادي لأي دولة مسلمة قادر على العيش برخاء دون العدو الغربي الكافر، ولا الكيان الاجتماعي قادر على البقاء دون استخدام ما ينتجه العدو الغربي الكافر، وما زال أسلوب المسلمين واحداً، وزيادة حاجتنا للغرب العدو الكافر أكبر. لماذا لا نجرب طريقة أخرى بعيدة عن القتل والبغضاء والعداوة؟ ولماذا لا نجرب أن نتبع نفس الأسلوب الذي اتبعه العدو الكافر ليفرض سيادته وهيمنته على العالم بشكل سلمي هادئ؟ فكل المجتمعات التي غيرت أسلوبها وابتعدت عن جزئية الخصومة والعداوة، وركزت على الإنجاز أفلحت، وأصبح العالم كله يحتاج إليها بل أصبح بإمكانها فرض أفكارها على العالم أجمع، ولنا في اليابان والصين والولايات المتحدة مثال واضح غير قابل للنقض. الإسلام هو ثاني أكبر ديانة على الكرة الأرضية بحسب الإحصاءات، وعلى الرغم من ذلك فإن العالم أجمع بإمكانه العيش من دون أغلبية معتنقي تلك الديانة لأنهم وببساطة لا يقدمون للبشرية شيئاً يذكر، فهم منكفئون على أنفسهم لا يشغلهم سوى نقاش الأحكام الدينية المكررة من جانب، وضرورة محاربة الغرب العدو الكافر من جانب آخر، دون تقديم شيء ملموس وفعلي للعالم، ليس هذا فحسب بل يحرص العالم الإسلامي بأسره على أن يرتكز التعليم على الدين مع إغفال للعلوم الحياتية بكل أنواعها، فتكون النتيجة مجتمعات وأجيالاً متعاقبة لا تفكر إلا بنمط واحد واتجاه واحد وهو محاربة العدو الكافر من جانب، ومحاربة المسلم المختلف بالمذهب من جهة أخرى. المزعج في الأمر فعلاً أن الموارد التي يمتلكها المسلمون تعتبر من أكثر الموارد تكاملاً في العالم من ناحية البقعة الجغرافية للدول الإسلامية، فهي من أكبر بقاع العالم من ناحية مصادر الثروة الطبيعية كالمياه والبترول والزراعة بالإضافة إلى الموارد البشرية الضخمة في تلك الدول، إلا أن كل تلك الموارد لا يتم استغلالها إلا لهدف أو هدفين وهما محاربة العدو الكافر من جانب، وضمان استمرار البقاء في الحكم من جانب آخر. لقد استطاعت شعوب أخرى بموارد أقل أن تصبح من القوى العظمى في أقل من خمسين عاماً فقط، وهي مدة زمنية ضئيلة جداً في حياة الشعوب، وعلينا أن نستوعب أن ما يملكه العالم الإسلامي من موارد أكبر وأشمل من مجموعة فتاوى متعلقة بجواز استخدام معجون الأسنان أثناء الصيام. إن كان ولابد من العيش مع فكرة القتال والحرب مع العدو الكافر، فلنغير "التكتيك" على الأقل من خلال جعل العدو الكافر يحتاج إلى المسلمين فعلاً، وبذلك يضطر إلى مراعاة مصالحهم وأفكارهم بدلاً من هذا التخلف الذي نعيشه تحت ذريعة تطبيق الإسلام. خارج نطاق التغطية: رجال ضحوا بحياتهم وسلامتهم قبل ثلاثين عاماً إثر حادثة تفجير موكب الأمير الراحل جابر الأحمد رحمه الله، قامت الدولة بتجنيسهم الأسبوع الماضي، بهذا الشكل نلخص حالة الدولة.
اليوم: 2 يوليو، 2014
هذا بحق ما يضر الإسلام والمسلمين!
الضرر الاعظم على الاسلام والمسلمين هذه الايام ليس من خارج الاسلام، بل من داخله، وبامتياز، وتحديدا من اعمال العنف الدموي الذي هو الوليد الشرعي للسكوت عن الفكر المنحرف الذي يؤدي بالتبعية إلى التطرف وتكفير المسلمين وإلغاء الآخر ومن ثم يتم الارهاب ونحر الرقاب امام كاميرات العالم ما ينفر الآخرين من الاسلام ويجعل شيوخ الدم يكذبون ويدعون زيادة المهتدين إلى الاسلام بناء على احصائيات ترى زيادة مبيعات المطبوعات الاسلامية رغم ان ذلك قائم على معطى.. «اعرف عدوك»!
***
وعلى اليوتيوب صورة مريعة تعكس الوضع المؤسف الذي آل اليه حالنا كمسلمين بسبب افعال المتشددين، ففي الصورة يجلس رجل ملتح على ظهر رجل ملتح آخر والاثنان من اتباع الدين نفسه بل والمذهب نفسه، الاول يكبر للنحر وسكينه تعمل على قطع رقبة الثاني، وفي الصورة اصابع المقتول مرفوعة وهو يتشهد على نفسه، فأي جنون هذا؟! وهل يمكن لأعدى أعداء الاسلام ان يضروا به بمثل ما اضر به ذلك الفعل؟
***
ومما هو موجود على المواقع الالكترونية قصة اخوين من قرية واحدة ذهبا للجهاد، فانضما الى فصيلين تفرغا لحرب بعضهم البعض حتى اسر وقتل احد الاخوين، وكادت والدته ان تجن من خبر موته على يد الجماعة الاخرى المنضم إليها ولدها الآخر، ان تلك التجارب اليومية المريعة تثبت ان الوضع الافضل لاتباع تلك الجماعات التي تدعي الاسلام في الشام والعراق واغلبهم من الشباب المغرر بهم والتي ثبت انها مخترقة حتى النخاع، ان ينضموا للجماعات السياسية العاقلة التي يعترف بها العالم كي يكون هناك امل في النصر وفائدة لا ضرر على الاسلام.
***
آخر محطة: 1ـ لا يمكن ونحن في عصر وصل فيه الانسان عن طريق العلم والحسابات الفلكية الدقيقة إلى القمر ومشى على ارضه ان نختلف كمسلمين على اماكن وجوده في السماء من عدمها.
2ـ الاختلاف الذي ينتج عنه صيام المسلمين في ايام مختلفة يعني ان هناك شعوبا اسلامية فطرت في ايام يجب صيامها او في المقابل هناك شعوب صامت في ايام شك يحرم صيامها، والاثنان امران لا يصحان.
@salnesf
سارة والعودة للكتابة
كان من المفترض ان اتوقف عن الكتابة خلال رمضان، ولكن تذكرت أنني وعدت صديقا بالكتابة عن موضوع هذا المقال، وبالتالي كان لا بد من تأجيل التوقف، مؤقتا.
***
في نهاية مايو الماضي وقفت سارة أبو شعر، الابنة البكر للصديقين فهد ونادية، أمام حشد من آلاف الضيوف المميزين، والشخصيات العالمية النافذة والطلبة والمدرسين اللامعين، وقفت أمامهم في جامعة هارفارد العريقة لتلقي كلمة خريجي عام 2014، وهو تشريف لا يناله إلا من يستحقه عن جدارة. وبالرغم من أن كلمة سارة لم تتعدّ الدقائق العشر إلا أنها ألهبت حماسة الحضور، ولم يكن مفاجئا بالتالي انتشارها السريع على مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة مئات الآلاف لها. وكان حديثها عن جامعة هارفارد شيقا للغاية. وقالت في كلمتها إن تلك الجامعة جعلتها تقتنع أن بإمكانها هي أيضا أن تشكّل التاريخ، وألا تكتفي فقط بالتأثر بما يجري فيه. كما القت بضع دعابات رصينة، وخاصة عندما قارنت بين الحياة في وطنها، والشرق عموما، والحياة في الغرب. كما كان جميلا منها الإشارة لأصولها السورية، وكيف عانت في صغرها من الترهيب من الأمن، وكيف كانت أمها تنصحها بالامتناع عن إبداء آرائها السياسية، أو حتى مجرد التفكير في موضوع الحريات!
نجاح سارة في جذب الانتباه لم يأت من فراغ، وقدرتها على الوقوف، وهي الفتاة العشرينية، أمام أكبر العقول المفكرة في العالم، وجذب انتباههم لم يكن مصادفة، واستحقاقها التصفيق الحار المرة تلو الأخرى لم يأت مجاملة، فقد تعب والداها في تربيتها، وتأهيلها وتعليمها، وبالتالي اتى انجازها الكبير على قدر ما اعطيت.
والآن أليس من المؤسف أن يحرم وطن هذه الفتاة الموهوبة من وجودها فيه؟ وأليس أكثر مدعاة للأسف أن تحرم هي، والعشرات من أمثالها من النوابغ والموهوبين، ولأسباب أكثر من سخيفة، من جنسية البلد الذي ترعرعت فيه وتعلمت في مدارسه، في الوقت الذي تعطى فيه الجنسية لمن سيصبح عالة وعبئا وظيفيا وصحيا وسكنيا وتعليميا على كل أجهزة الدولة في الدقيقة التي يحصل فيها على الجنسية؟
وفي هذا السياق ورد على لسان سارة، في مقابلة لها مع جريدة الشرق الأوسط، بعيد إلقاء كلمتها قولها إنها تعتبر الكويت البيت الآمن الذي ترعرعت فيه، ملتحفة بأهله الطيبين، وإن للكويت فضلا كبيرا عليها، فهي المكان الذي اعتادت فيه على إطلاق الكثير من أفكارها، بحرية.
ما لم تقله سارة، ربما أدبا، إن الكويت التي عرفتها قد تغيرت ومن الصعوبة بمكان أن تعود إلى ما كانت عليه، والتاريخ لن يرحم من كانوا السبب فيما وصلنا إليه من تخلف.
أحمد الصراف