أعتقد أن قلة سمعت بالشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد، الغزاوي العتيق المصنف من شعراء النكبة الكبار، والذي ولد عام 1927. أتذكره أنا جيدا لسببين، أولهما أن مدرس اللغة العربية في المرحلة المتوسطة حببنا فيه وفي شعره، ولكن لم يعلق في ذهني شيء منه، ولا من شعر أي شاعر آخر، غير بضعة أبيات من قصيدة لامرئ القيس، التي يقول فيها:
مكر مفر مقبل مدبر معاً
كجلمود صخر حطه السيل من عل.
والسبب الثاني لتذكري له أنه شاعر أغنية «سنرجع يوما»، التي غنتها المطربة الرائعة السيدة فيروز، والتي ربما فاق مرات استماعي لأغنيتها تلك مئة مرة، على مدى نصف قرن تقريبا، ولا أعتقد أنني سأسأم يوما منها، فلا يزال لحنها يطربني، وكلماتها تعيدني لأيام خلت ومضت بعيدة، ولمأساة بدأت واستمرت، ولعمر بدأت ايامه بالتناقص السريع، ونحن لاهون عن كل شيء بنزواتنا وأحقادنا وكل صغائر الدنيا، وكأننا خالدون أبدا!
تقول كلمات الأغنية الجميلة والحزينة، والتي اختار الرحابنة حذف بعض أبيات القصيدة:
سنرجع يوماً الى حيّ.نا ونغرق في دافئات المنى
سنرجع مهما يمر الزمان وتنأى المسافات ما بيننا
فيا قلب مهلا ولا ترتم. على درب عودتنا موهنا
يعز علينا غداً أن تعود رفوف الطيور ونحن هنا
هنالك عند التلال تلال تنام وتصحو على عهدنا
وناس هم الحب أيامهم هدوء انتظار شجي الغنا
ربوع مدى العين صفصافها على كل ماء وهى فانحنى
تعب الظهيرات في ظلها عبير الهدوء وصفو الهنا
سنرجع خبرني العندليب غداة التقينا على منحنى
بأن البلابل لم تزل هناك تعيش بأشعارنا..
ويختم قصيدته بالبيتين الجميلين التاليين:
وما زال بين تلال الحنين وناس الحنين مكان لنا
فيا قلب كم شردتنا رياح تعال سنرجع هيا بنا..
• ملاحظة:
سأحاول، خلال شهر رمضان التفرغ لدراسة جرائم بعض الأحزاب الدينية في دولنا، والبحث في التاريخ السيئ لبعض من اعتبروا انفسهم من قادة الإخوان، في الكويت ومصر بالذات، والطرق غير الأخلاقية التي سلكوها في تكوين ثرواتهم، وبالتالي قد أنقطع عن الكتابة خلال هذه الفترة.
أحمد الصراف