يعتبر الملحن اللبناني الكبير زكي ناصيف (1918ـــ 2004) واحدا من أفضل الملحنين العرب، ولكنه لم يلق ما يستحق من تكريم، بالرغم من تأثيره الكبير في الموسيقى الشعبية اللبنانية، وما قدمه من ألحان جاوزت الخمسمئة، شدا بها أشهر المطربين. ولد ناصيف في قرية مشغرة البقاعية، التي غنت فيروز لقمرها. وكان مولعا بالزجل، «المعنّا والعتابا وابو الزلف». وكان يتعاون مع الملحنين الكبار، أمثال الأخوين رحباني وحليم الرومي وتوفيق الباشا وفيلمون وهبي، وكان لهم جميعا فضل في انطلاق «الليالي اللبنانية» الأولى في «مهرجانات بعلبك الدولية».
درس ناصيف الموسيقى في الجامعة الأميركية في بيروت، وبخلاف الرحابنة، لم يرغب في دمج الموسيقى الغربية أو الكلاسيكية بالشعبية اللبنانية، بل أصر على إبقاء روح الضيعة في موسيقاه. ومن اشهر أعماله «راجع راجع يتعمر»، التي غناها خلال الحرب الأهلية. ولكني شخصيا اعتقد أن أغنيته «يا عاشقة الورد» هي من اجمل ما لحن، والتي تقول كلماتها: يا عاشقة الورد ان كنت على وعدي فحبيبك منتظر يا عاشقة الورد/ حيران أينتظر؟ والقلب به ضجر، ما التلة ما القمر ما النشوة ما السهر، ان عدت. الى القلق هائمة في الافق سابحة في الشفق فهيامك لن يجدي، يا عاشقة الورد ان كنت على وعدي فحبيبك منتظر يا عاشقة الورد.
أما الفنان والملحن والشاعر السوري صباح فخري، فقد ولد في حلب عام 1933، انه قد تجاوز الثمانين، وأبدع، على مدى نصف قرن، في غناء الموشحات الأندلسية. وقد لحن وصاغ كلمات واحدة من أجمل أغاني الغزل، وهي أغنية «يا ربة الوجه الصبوح»، التي يقول فيها: خمرة الحب اسقنيها.. هم قلبي تنس.ني.. عيشة لا حب فيها.. جدول لا ماء فيه. يا ربة الوجه الصبوح.. انت عنوان الامل.. اسكريني بلثم روحي.. خمرة الروح القبل.. ان تجودي فصليني.. اسوة بالعاشقين.. او تضني فاندبيني.. في ظلال الياسمين.
وهي من أغاني الفولكلور، مقام نهاوند، وغناها قبل أكثر من 40 عاما.
إن أمثال هؤلاء العمالقة هم من يجب أن نسعد بهم ونفخر، وليس كل هذا القبح والتعصب اللذين نراهما حولنا.
أحمد الصراف