لا أحد يستطيع ان يجزم ما الذي حدث في العراق مؤخرا، هل هي ثورة شعبية ضد استبداد المالكي وظلمه، ام هي أمور لا تعدو كونها سلسلة من العمليات الارهابية يقوم بها تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام (داعش). لا أحد ينكر وجود تنظيم داعش في منطقة صحراء الانبار، بل سبق وأن حذرت الولايات المتحدة اكثر من مرة ـ من خطر اتساع نشاطه هناك، وكذلك اشتكى الاهالي من وجوده، ولكن لم يكترث المالكي وحكومته لهذا الامر، وربما أراد استخدام (داعش) كورقة ضغط على حلفائه الشيعة وخصومه السنة على السواء.
من المؤكد ان مقاتلين داعش هم من قاموا بمفاجأة الجيش العراقي وانزلوا به اشد الخسائر، وتبع ذلك مباشرة حركة تمرد شعبية واسعة النطاق – ولكن كيف حدث ذلك؟ مما لاشك فيه ـ ان تنظيم داعش يمتلك اشد وأعنف المقاتلين على وجه الارض ـ قال عنه ذات مرة احد الاسرى الذي استطاع الهرب منهم ـ إنهم ومن شدة رغبة المقاتلين بالعمليات الانتحارية ـ كانوا يقيمون مسابقات فيما بينهم والفائز يحظى بشرف القيام بالعملية.
وفي المقابل نجد ان الجيش الوطني تعصف فيه الطائفية والفساد، ولا يحظى بالقبول في بعض المناطق السنية ويعامل على انه جيش احتلال، وكذلك الجيش هو الآخر ينظر لبعض الأهالي على أنهم أجانب.
اكثر من عام والمناطق السنية تغلي غضبا من سياسية المالكي حتى ان الكثير من المواطنين ومن شدة يأسهم من الوضع السياسي في العراق، قاطعوا الانتخابات البرلمانية الاخيرة، وكان الاهالي فقط بحاجة الى من يفجر ثورتهم ـ ولذلك كانت عمليات داعش الاخيرة وهرب الجيش الحكومي بمنزلة المشجع على اعلان حالة التمرد على سلطة المالكي وطائفيته يحاول المالكي جاهدا ان يصبغ التمرد السني بصبغة الارهاب وتنظيم داعش، ليتمكن من رص صفوف الشيعة وتقوية مركزه السياسي بينهم، والسعي لتمديد ولاية حكومته المنتهية، والحصول على دعم أميركي وغربي للقضاء على خصومه من الطائفة السنية.
ختاما ـ الكل ضد المالكي ـ بقايا البعث والجماعات الاسلامية والعشائر ـ جنبا الى جنب يقاتلون جيش وحكومة المالكي الطائفية، وعلى المجتمع الدولي ان يميز بين ثوار العشائر وبين مقاتلي داعش، بين من يقاتل من اجل الحرية ، ومن يقاتل لأجل الارهاب ومن الممكن ايضا ـ ان المالكي قد ترك (داعش) تنتصر على قواته ـ ليحقق احد الامرين ـ اما ان تقضي داعش على قوات العشائر وتضعفها ـ الامر الثاني حتى لو انتصرت العشائر على داعش او انسحبت من نفسها ـ سيستخدمها المالكي كعذر لضرب التمرد الشعبي ضده.
ملاحظة: عندما كانت المعارضة السورية تحقق الانجازات في رمضان الماضي، تمت اكبر عملية تهريب للسجناء في العراق خرج فيها حوالي 2000 مقاتل من القاعدة، انشؤوا تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام، ودخلوا على خط القتال في سورية، وماذا حدث؟ شوهوا سمعة الثورة السورية، وقاتلوا الثوار كما تفعل قوات النظام.